يتساءل الكثيرون اليوم عن ماذا في جعبة الجهات المعنية لمواجهة التحديات الحالية التي أثرت بشدة على الواقع المعيشي للمواطنين ناهيك بتأثيرها على الاقتصاد الوطني بشكل عام حتى أن هناك قناعة أصبحت راسخة أن الأمر برمته متعلق بالواقع الدولي الذي تعقد أكثر في ظل ما يجري من تجاذبات وصلت لحد التصادم بين الأقطاب الدولية والذي أثر سلباً على دول العالم أجمع…
المفروض أن الجهات المعنية وفي مقدمتها الفريق الاقتصادي يجب أن يمتلك سياسات اقتصادية توضع بما يتوافق ويتناسب مع الواقع الراهن وفي حال وجدت هذه السياسات كان من المفترض أن تطبق منذ فترة فهي تندرج في إطار التدابير طويلة الأمد، المشكلة اليوم أن المتغيرات الاقتصادية التي فرضتها الحرب والحصار المفروض على سورية جعل المهمة صعبة وربما مستحيلة من خلال أنها متبدلة وسريعة ومعقدة، وتالياً لا يمكن للفريق الاقتصادي أن يحافظ على سير العمل وتنفيذ السياسات الطويلة الأمد في ظل المفاجأت التي تحدث ومازالت تسبب الإرباك تلو الإرباك للمعنيين في الخروج من هذا المأزق الصعب والمعقد…
ثمة أسباب جعلت الفريق الاقتصادي أشد إرباكاً من خلال أن أغلب الحلول التي تم اتخاذها خلال السنوات العشر الماضية نتائجها بحاجة لوقت طويل وهي رفاهية لا نمتلكها الأمر الذي يفسر عدم تحقيق النتائج المرجوة والمنتظرة وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن خيار اللجوء لدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لم يكن مجدياً خاصةً، وأن أغلب الشرائح المستهدفة لديها أولوية تأمين سبل العيش اليومي ناهيك بصعوبة تأمين مستلزمات هذه المشاريع…
الواقع الحالي الذي نشهده ونعيشه اليوم بحاجة لحلول استثنائية خلاقة ومبادرات من خارج الصندوق تعتمد بشكل أساسي على منح الميزات والإعفاءات والسماح بكل ماهو ضروري لتدور عجلة الإنتاج والاستثمار حتى وإن وصلت الأمور بمرحلة غض النظر عن بعض التفاصيل في إطار الصالح العام، وهو أمر لم يتم في ظل العقلية السائدة لدى مختلف الجهات خاصةً الرقابية التي تمارس دورها من دون الوضع في الحسبان أننا في مرحلة استثنائية ومصيرية لنراها أنها تراقب وتدقق وكأننا في حالة الرخاء ونمتلك رفاهية الوقت غير مكترثة بالظروف المحيطة لنجد أنه يعمل ويفكر من خارج الصندوق يتعرض لمسؤولية المحاسبة التي لا ترحم أو تبرر…
كلنا أمل أن العام الجديد سيشهد آفاقاً واعدة للخروج من عنق الزجاجة علماً أن من يعول على تغير الظروف المحيطة دولياً هو واهم فالحلول فقط لما نتخذه داخلياً من إجراءات وتدابير والأمثلة كثيرة على الأمم والدول التي حولت أزماتها لفرص نجاح مؤثرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والإنساني.