نلهث وراء كلّ صنوف الحياة ونبحث في كلّ ماحولنا لإرضاء أنفسنا وشهواتنا ونستزيد مالاً وحبّاً ومحاولات عيش ورفاه من دون الوقوف لحسبة بسيطة ومعرفة وإدراك لما يمكن أن يبقى…
وقفة بسيطة مع أنفسنا وجرد حساب يتركنا مع ماتعلّمناه في المدرسة وماأضافته الحياة العملية وننسى حقّ عقولنا وأرواحنا علينا من ثقافة لا تكفيها مدرسة وبضع تجارب حياتية…
الثقافة هي مايبقى بعد أن ننسى كلّ ماتعلّمناه، فهل نعتني بثقافتنا ونسعى لنغلّفها بأفكار تطير إلينا بحسب وصف الفيلسوف ابن رشد عندما قال لتلميذه ألّا يبكي حرق كتب معلّمه:” إذا كنت تبكي حال المسلمين فاعلم أنّ بحار العالم لن تكفيك دموعاً، أمّا إذا كنت تبكي الكتب المحروقة فاعلم أنّ للأفكار أجنحة وهي تطير لأصحابها”.
إذا قُدّر للإنسان وعاش متوسّطاً عمرياً جيّداً وتجاوز العقد السادس فهل يغادر هذا العالم كما أتى إليه، وهل يُعقل أن يبقى العقل البشري في حالة راحة زائدة تسوء معها العقول وتبلى قبل الجسد…
من الضروري أن نقوم بتأمّل نقديّ لثقافتنا الذاتية وللاستجابة الثقافية لعقولنا التي لن تُقدّم إلينا إذا ما سعينا جاهدين نحوها لتثمر في عقولنا وأرواحنا ولنكون راضين عن أنفسنا بالدرجة الأولى قبل رضا الآخرين، ولنكون فاعلين لا لاهثين في مجتمعاتنا التي تحتاج إلى كلّ عقل ومجهود مثمر.