تحدثنا في الزاوية السابقة عن محطة من محطات العمل “الجولات الحكومية”، واليوم سننتقل الى محطة أخرى وهي التجارب التي لم تلق النجاح.
حيث اتخذ قرار يقضي بإحداث أسواقاً شعبية في الوحدات الإدارية للمدن.. بهدف بيع المنتجات الزراعية بشكل مباشر من المنتج إلى المستهلك.. وإلغاء الحلقة الوسيطة.. والفكرة بحد ذاتها فكرة هامة جداً.. غير أن إمكانية نجاحها لم تكن واقعية.. حيث تم تنفيذ تلك الأسواق بشكل ارتجالي.. في أماكن لم تكن مناسبة من حيث المواقع.. وهذا أتضح سريعاً بعد التنفيذ.
كما لن يكتب لها النجاح لعدم منطقية تحويل المنتج “الفلاح” إلى تاجر.. أو بائع بسطة.. وذلك أيضاً اتضح سريعاً من خلال عدم إقبال المزارعين على القيام بتسويق إنتاجهم عبر تلك الأسواق.
لعل استسهال إطلاق الأفكار من دون القيام بدراسة إمكانية نجاحها.. وحل قضية الوسيط والحد من دوره وفقاً لما كان متوقع.. تدلل على طرح تجارب تحتمل إما النجاح.. أو الفشل.. وكون الخطوة كانت أقرب إلى الارتجال لم يكتب لها النجاح، ولاسيما أن المزارع أولاً غير قادر على نقل إنتاجه من قريته إلى المدينة.. وعرضه من ثم نقل الإنتاج الذي لم يباع إلى القرية.. كما أنه غير مؤهل نفسياً على القيام بمهنة البائع.. لذلك تعرض بعض المزارعين الذين حاولوا دخول تلك الأسواق للخسائر.
لعل الخطوة كانت أقرب إلى الواقع لو تم إشراك الجمعيات الفلاحية.. والوحدات الإرشادية.. ومنافذ السورية للتجارة في العملية.
كان هناك ضرورة لقيام تلك الجهات بحصر الإنتاج في كل قرية.. ونقل الإنتاج بشكل جماعي إلى تلك الأسواق وعرضه للبيع المباشرة.. ونقل الإنتاج الذي لم يباع إلى صالات السورية لبيعه.. حماية للمنتج من الخسائر.
اليوم نرى بعض تلك الأسواق تحولت إلى باعة غير منتجين “بسطات” وحسب يباع فيها منتجات غير زراعية.
وبعضها الآخر شاغر من كل شيء بقي الهيكل فارغاً من كل نشاط.
المطلوب من الحكومة توطين التجارب الناجحة و تطويرها.. لا الدخول في تجارب تكبد خزينة الدولة مبالغ مالية، والنتيجة فشل التجربة ونسيانها و كأن شيئاً لم يحصل!!.
.. يتبع..