أصداء التراسل الأدبي

الملحق الثقافي- سلام الفاضل:
لم تعد الأجناس الأدبية منفصلة عن بعضها بعضاً في مضامينها الفكرية والجمالية، فالمزج الأدبي بات سمةً تغلب على كثير منها، حيث تداخلت الرواية مع الشعر، وغفا الفن التشكيلي في أحضان القصص القصيرة جداً، واتكأت قصيدة النثر على المسرح، حتى ضجت هذه القصيدة بحواريات مطوّلة، واختلطت أصوات شخوصها بنَفَس المبدع الشعري. ولو أردنا التبحر أكثر في تداخل الأجناس الأدبية لوجدنا أنه ليس سمة عصرية حداثية، بل إنه يرجع في أصله إلى قرون خلت، زمن أُسس المسرح فيه على ملاحم شعرية أوجدها شعراء عرضوا عبر أبيات كُتبت بلغة شعرية مسرحية أشكال الصراعات التي نشأت بين البشر والآلهة، فحققت هذه الأيقونات الأدبية على ما فيها من تمازج فكري بين لونين أدبيين أو أكثر، حققت حضوراً واسعاً بين جمهور عريض. وقد يسأل سائل عن هذا التراسل الأدبي وأثره في انسحاب جنس أدبي على حساب آخر، ودوره في اضمحلال الأشكال الأدبية الصرفة التي تنتصر للون الواحد، وقد يجيء الرد بأن تلألأ الألوان لا يأتي إلا عبر اندماجها، فإن جاء نص شعري صرف، فإنه لن يخلو حتماً من بعض الحكايات الشعبية، كما أن قصيدة نثرية عظيمة قد تقوم في أصلها على مفهوم الرمز، أو قد تُبنى رواية عصرية على أسطورة خالدة… وقس على ذلك. وللوقوف أكثر على هذا الموضوع تحرينا رأي الأديب الدكتور راتب سكر الذي رأى بداية أن: «قنوات التراسل بين الفنون والآداب في العصر الحديث تشعَّبت تشعُّباً واسعاً وعميقاً، أثرى الأعمال الأدبية العربية والعالمية، ما جعل دراسة تجليه: فكرياً وفنياً، ضرورة ملحَّة». وأردف عارضاً نماذج أدبية يظهر فيها التراسل الأدبي واضحاً، بالقول: «ومن نماذجه الجديدة تراسل النص السردي في رواية د.ناديا خوست (دماء وأحلام في بلاد الشام) مع النص الشعري، في غير فقرة من فقراتها، إذ نسمع في هذه الرواية صوت ساردها الفني يقول: هنا حضرنا يا غادة تأبين عدنان المالكي، واستمعنا مع كثير من طلاب الجامعة، إلى قصيدة الجواهري: خلفت غاشية الخنوع ورائي \ وأتيت أقبس جمرة الشهداء…». وأضاف: «كما أن من نماذج هذا التراسل أيضاً، تراسل البناء الفني السردي والمسرحي والسينمائي مع بناء القصائد المعاصرة، مثل قصائد الشاعر محمد الحريري، ومنها قصيدته (في السينما)؛ وقصائد الشاعر أيمن أبو الشعر، ومنها قصيدته «قارع الطبل الزنجي» في ديوانه (الصدى)». ليختتم كلامه بالتأكيد على أن: «التراسل بين الأجناس الأدبية وموضوعاتها: فنياً وفكرياً، أصيل وعميق في الآداب وأجناسها، منذ عصور الآداب القديمة، ويلاحظ دارس المؤلفات الملحمية والمسرحية الإغريقية، تراسلاً واضحاً وواسعاً على جسور الموضوعات والشخصيات ذوات الطوابع الأسطورية والتاريخية والاجتماعية، مثل شخصيات ملحمة هوميروس: «الإلياذة»، وتجلي أصدائها في عمل أسخيلوس المسرحي «ثلاثية أورست»، ثم استمرار التراسل بين هذه الثلاثية الشهيرة، وأعمال أدبية متنوعة تعاقبت على مدارج العصور الأدبية العالمية وحقبها…». وهكذا وفي الختام يمكن القول إن تداخل الأجناس وإن كان سمة عصرية حداثية اكتسحت المنجزات الإبداعية في العصور الحديثة إلا أن جذورها تعود إلى حقب زمنية بعيدة، إلى جانب أن التراسل الأدبي لا يسهم بإقصاء جنس أدبي على حساب آخر بمقدار ما يسهم في إغناء الجنس الأدبي ذي اللون الواحد، وإضفاء مزيد من البريق عليه عبر دمجه بأجناس أدبية أخرى تسهم في جعله أكثر خيالاً وحيوية، وترفعه من الغوص في بهتان اللون الواحد من خلال إغراء الفكر بتتبع بهاء الألوان المتعددة.

العدد 1127 – 10-1-2023

آخر الأخبار
تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب