لميس عودة:
تزييف الحقائق وتشويه المعطيات وتحريف البينات بعيداً عن المصداقية والنزاهة هي العناوين العريضة لآلية عمل منظمة حظر لأسلحة الكيميائية في ما يصدر عنها من تقارير تفتقد للأمانة المهنية والأخلاقية والحيادية، ويغلب عليها التسييس الممنهج خدمة لمن يكبلونها بقيود سطوتهم في مقدمتهم أميركا.
فقد بات واضحاً أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أداة وظيفية طيعة لخدمة أجندات المهيمنين على قراراتها، وأن عدم النزاهة والمصداقية والانزلاق إلى منحدرات الخنوع والتواطؤ مع الباطل الأميركي الغربي باتت سمة كل ما يصدر عنها من قرارات، وهذا يؤكده سلوكها المشين بمحاباة مشغلي الإرهاب وانخراطها المعلن في تشويه الحقائق وتزوير المعطيات واختلاق الأباطيل وتعويم الافتراءات على سطح مشهد النفاق الأممي في كل ما تتضمنه تقاريرها من فبركات وما تحتويه من افتراء وتدليس في كافة تقارير فرق التحقيق الخاصة بها، سواء ما سمي “فريق التحقيق وتقصي الحقائق” أم تقارير فريقها المسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية”، فجميعها مبنية على ادعاءات كاذبة وفبركات وشهود زور ومصادر غير معروفة وغاياتها مكشوفة ومساعيها معروفة تتلخص في إثارة عواصف تضليل جديدة في المحافل الأممية كمحاولة يائسة لاتهام الدولة السورية التي دحضت بالبينات والبراهين زيف الادعاءات وبينت بالأدلة الدامغة ضلوع الغرب الاستعماري وأدوات إرهابه في تنفيذ المسرحيات الكيماوية.
كثيرة هي المطالبات على المستوى الدولي والإقليمي بضرورة نفض غبار التسييس العدائي عما يسمى “الملف السوري الكيميائي” الذي تستحضره منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بين الفينة والأخرى لغايات قذرة، بالرغم من أن الدولة السورية أوفت بكل التزاماتها في ما يتعلق بحيثياته ودحضت مراراً وتكراراً الافتراءات والأباطيل بالبراهين والأدلة الدامغة وقدمت كافة التسهيلات لفريق بعثة تقصي الحقائق لإنجاح مهمته إلا إن هذا التعاون البنّاء لم يجد مكاناً له في تقرير الأمانة الفنية.
المطالبات الدولية والإقليمية جاءت من روسيا والصين وإيران والإمارات العربية المتحدة بضرورة تصحيح مسار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وإعادة المنظمة إلى جادة المصداقية والنزاهة التي تفتقدها، وعدم انجرارها وراء التلفيقات المغرضة، وتبنيها سيناريوهات لأحداث ومسرحيات تفبركها واشنطن ودول الغرب الاستعماري، إذ اعتبرت إيران على لسان سفيرتها بالأمم المتحدة زهراء إرشادي أن الدولة السورية بذلت جهوداً حقيقية لتنفيذ التزاماتها وأثبتت رغبتها في التعاون مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومع ذلك فإن بعض الدول الأعضاء سيّست ملف الأسلحة الكيميائية في سورية، وتمنع تأكيد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التزام دمشق بتعهداتها، وأن تسييس تنفيذ معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية واستغلال المنظمة بدوافع سياسية يعرض مصداقية المعاهدة للخطر، وكذلك اقتدار المنظمة.
كذلك أدانت روسيا على لسان السفير الروسي للأمم المتحد ديميتري بوليانسكي محاولات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التلاعب وتعويم افتراءات لا صحة لها ما يفقدها أدنى حدود المصداقية، منوهاً أن سورية انضمت طوعاً إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأتلفت ترسانتها الكيميائية وأغلقت برنامجها الكيميائي بالكامل في عام 2014، إلا أن بعض الدول تستمر في استغلال “ورقة الكينيائي” التي لا أدلة مقنعة فيها لغايات سياسية محضة.
وفي جلسة مجلس الأمن الأخيرة اعتبرت مندوبة دولة الإمارات العربية المتحدة لانا زكي نسيبة أن “ملف الكيميائي في سورية لا يزال من أكثر الملفات المسيسة في مجلس الأمن”.
الصين دعت أيضاً إلى الحفاظ على الخصائص الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وتجنب تسييس عملها، وأكد المستشار شينغ جي شنغ من بعثة الصين الدائمة بالأمم المتحدة أن التحقيق والتعامل مع الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية يجب أن يتبع بدقة متطلبات اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ويحترم العلم والحقائق، ويضمن الامتثال للإجراءات، ويستند للأدلة والاستنتاجات التي تتسم بالموثوقية والمصداقية، الأمر الذي لا تطبقه هذه المنظمة وتخالف بشكل صارخ معايير الحيادية والمصداقية.
الأدهى من ذلك أن هذه المنظمة تكيل بمكيالين وتحكم قراراتها وآلية عملها ازدواجية بغيضة ومحاباة معلنة لعتاة الإرهاب العالمي، فهي تتعامى عن مخزون “إسرائيل” من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الخطرة والمميتة وترسانة أسلحتها الضخمة المحظورة دولياً، ولا تتجرأ على الطلب من حكام الكيان المحتل بالمكاشفة بما لديه من أسلحة الدمار الشامل التي تهدد السلم والأمن الدوليين، ما يفقد المنظمة الأممية المصداقية ويوسمها بالتواطؤ المريب والخنوع المخزي.