الثورة – ترجمة رشا غانم:
ما نعرفه حتى الآن، بأنّ سوء تعامل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الوثائق السّرية لم يكن فاضحاً وفظيعاً، أو أنّه جرمي كما فعل الرئيس الأسبق دونالد ترامب، لكنّ وضع بايدن يتطلب تدقيقاً شاملاً من قبل وزارة العدل الأمريكية، وهناك أسئلة مشروعة حول ما يعرفه الرئيس ومتى عرفه؟.
لقد كان المدعي العام ميريك غارلاند محقاً في تعيين مستشار خاص للتحقيق في وثائق بايدن، روبرت هور المدعي العام الأمريكي السابق لولاية ماريلاند، وسيواصل مستشار خاص آخر يدعى جاك سميث، التحقيق في اكتناز ترامب للأوراق السرية، من بين جرائم محتملة أخرى.
فلقد كان الأمر سيئاً بما فيه الكفاية عندما أعلن البيت الأبيض أنه تمّ اكتشاف وجود عدد صغير من الوثائق ذات العلامات السرية في السّنوات التي كان بايدن فيها كنائب للرئيس في الخريف الماضي في خزانة في مركز بن بايدن للدبلوماسية والمشاركة العالمية، حيث كان لبايدن مكتب هناك خلال رئاسة ترامب، وساءت الأمور مؤخراً، عندما عرفت الإدارة أنّه تم اكتشاف المزيد من الوثائق السرية في منزل بايدن في ويلمنجتون ديل.
في أيلول الماضي، وصف بايدن ترامب بأنه غير مسؤول على الإطلاق، لأخذه أوراقاً سرية إلى منزله في مار إيه لاغو والاحتفاظ بها، ونحن نعلم الآن أن مثل هذه الوثائق تم تخزينها أيضاً في المرآب حيث يوقف بايدن سيارته كورفيت الفاخرة، وهناك أسئلة واضحة تحتاج إلى إجابة أهمها، مدى حساسية المعلومات الواردة في الوثائق وما إذا كان بإمكان الأشخاص غير المأذون لهم الوصول إليها.
وبعد أن ذهبت وزارة العدل إلى حد إرسال مكتب التحقيقات الفيدرالي لمصادرة الوثائق التي أخذها ترامب إلى فلوريدا، لماذا لم يتأكد بايدن ومساعدوه على الفور من عدم وجود مواد سرية بحوزته؟.
بالنظر إلى أنه تم العثور على الأوراق في مركز بن بايدن في 2 تشرين الثاني الماضي، أي قبل ستة أيام من انتخابات التجديد النصفي، لماذا لم يتم الإعلان عن وجودها حتى يوم الاثنين الماضي، لماذا بعد أكثر من شهرين؟!.
كما تمّ إخبار وزارة العدل بالوثائق المخزنة في مرآب بايدن في 20 كانون الأول الماضي، فلماذا لم يتم الكشف عن هذا حتى يوم الخميس؟ وبما أنه تم العثور على وثيقة سرية أخرى في مكان آخر في منزل بايدن صباح الخميس، فهل نحن متأكدون من عدم وجود وثائق أخرى؟ مثلاً في العلية.
كل هذا بمثابة قلق كبير لغارلاند، كما لو كان بحاجة إلى واحد آخر، في النهاية، يجب أن يقرر ما إذا كان ينبغي محاكمة ترامب بسبب سوء تعامله المزعوم مع الوثائق، فهل سيتم تقويض الإيمان بحياد وزارة العدل إذا تم توجيه الاتهام إلى ترامب ولم يُوجه لبايدن كذلك؟ وماذا عن توجيهات الوزارة بأن الرئيس الحالي لا يمكن أن يخضع لملاحقة جنائية؟.
الحالات مختلفة بالفعل، فلأكثر من عام، تجاهل ترامب طلبات الأرشيف الوطني لإعادة الأوراق التي لم يكن يجب أن يأخذها من البيت الأبيض، وأكد مراراً وتكراراً للسلطات أنه لا يحمل وثائق سرية، وفي البحث الذي أُجري في آب الماضي في مار إي لاغو، حيث صادر مكتب التحقيقات الفيدرالي 33 صندوقاً من المواد، بما في ذلك أكثر من 100 وثيقة عليها علامات تصنيف، وتم وضع علامة سرية للغاية على بعضها، وهو أعلى تصنيف، بينما كان يجب تخزينها ومشاهدتها فقط في مرافق آمنة، وليس مخبأة حول سكن ونادي ريفي في جنوب فلوريدا.
هذا ويقول محامو بايدن: إنّه تمّ العثور على عدد صغير فقط من الوثائق ذات العلامات السرية في مكتب مركز بن بايدن ومقر إقامة الرئيس، والأهمّ من ذلك، تحرك بايدن ومحاموه على الفور لإعادة الأوراق إلى الحكومة، حتى لو لم يخبروا الجمهور، وأجروا أو يجرون بحثاً شاملاً للتأكد من عدم بقاء أي مواد أخرى من هذا القبيل في حوزة بايدن.
يجادل المدافعون الجمهوريون عن ترامب، بشكلٍ يبعث على السخرية، بأنّ ترامب لم يخزن أي وثائق سرية على الإطلاق منذ أن كان في السلطة، كرئيس وقائد أعلى، لرفع السرية عنها بمجرد قول ذلك، أو حتى بالتفكير في ذلك، ولكن من المستحيل أن الأغلبية الحالية في المحكمة العليا ستصدق هذا الهراء، لكن الجمهوريين لديهم أدلة لإثبات أن كل من بايدن وترامب كانا مهملين أو قذرين في تعاملهما مع المواد السرية، وربما ينبغي التحقيق معهما، لكن لا ينبغي أن يواجه أي منهما اتهامات، ويمكن للمدافعين عن ترامب محاولة استخدام التأخير في الكشف عن وثائق مركز بن بايدن كدليل على ما يزعمون أنه تسييس للعدالة في عهد بايدن.
ولكن هناك أدلة كثيرة على أن ترامب هرب عن قصد وعمد بوثائق سرية، على أنّ لديه نية إجرامية، ولكن يُخشى من أنّ هفوات بايدن التي ظهرت بها هذه القصة، قد تجعل من غير المرجح أن يواجه ترامب العدالة لسوء التعامل بشكل خطير مع أسرار الأمة.
المصدر: واشنطن بوست