الثورة – متابعة – عبد الحميد غانم:
حظيت المنطقة العربية بموقع إستراتيجي في وسط العالم، وتطل على بحار ومضائق بحرية، وشكلت عقدة اتصال برية وبحرية وجوية إلى جانب ما تمتعت به من ثروات باطنية وزراعية وبيئة خصبة للزراعة والصناعة والتجارة وتوفر مستلزمات الحياة البشرية، ما أثار أطماع الاستعمار عبر مسار التاريخ، فعرضها ذلك ولا يزال للكثير من الغزوات والهجمات والاعتداءات ومشروعات للسيطرة عليها، باعتبار أن من يسيطر عليها يسيطر على العالم.
ولأهمية المضائق أو الممرات البحرية الإستراتيجية في الجغرافيا السياسية والتواصل الاقتصادي، عمل الاستعمار في كل مراحله على التنافس والصراع للسيطرة على تلك الممرات لتأمين مصالحه وفرض سيطرته على حركة التجارة والنقل العالمي، وفي عصرنا الراهن بذلت وتبذل الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها ولاسيما الكيان الصهيوني منذ قيامه للهيمنة على الممرات البحرية التي تطل عليها المنطقة العربية باعتبارها أهم ممرات في العالم وتربط مناطقه وقاراته من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق.
تحت عنوان: المشروع الصهيو أميركي والصراع الدولي على الممرات المائية في المنطقة العربية (باب المندب نموذجاً)، أقامت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني بالتعاون مع مؤسسة القدس الدولية (سورية) وتحالف القوى الفلسطينية ظهر اليوم ندوة سياسية تحدث فيها عدد من الباحثين وقد أدار الندوة الدكتور صابر فلحوط رئيس اللجنة الشعبية، مستهلاً تقديمه للباحثين بالحضور العربي الغني وخصوصاً من الشباب جيل المستقبل المهتم بقضايا الصراع العربي الصهيوني، الذي سيحمل راية النضال لاستكمال مسيرة التحرير.
د. المفتاح: أهميته الإستراتيجية محل أطماع وصراع
في مداخلته، تحدث الدكتور خلف المفتاح مدير عام مؤسسة القدس الدولية (سورية) الممرات البحرية وأهميتها الجيواستراتيجية في العالم وخصوصاً في منطقتنا العربية، وميز بين الأهمية الجيو سياسية التي تتعلق بموضوع صراع سياسي وبين الأهمية الجيو استراتيجية التي تتعلق بالمكان في علم الجغرافيا السياسية الجيبولتيك، وقال: إن الممرات البحرية التي تطل عليها منطقتنا لها أهمية جيو استراتيجية نظراً لمكانتها وتأثيرها الفاعل في حركة الملاحة العالمية، ويحظى مضيق باب المندب على الأهمية الثالثة بعد قناة السويس ومضيق هرمز نظراً لمكانته المهمة في حركة التجارة الدولية وحركة مرور السفن وربط المناطق في العالم.
وأشار إلى أن قيمة هذه الممرات البحرية تأخذ أهميتها وفعاليتها السياسية من قانون أمن البحار وقانون أمن الطاقة الذي أعطاها قيمة إضافية جديدة في ظل التطورات العالمية الراهنة، ما زاد الصراع الدولي للسيطرة عليها بهدف السيطرة على التجارة العالمية وممارسة الضغوط على الدول.
ورداً على سؤال للثورة، أشار الدكتور المفتاح إلى أن الكيان الإسرائيلي يسعى لمنع تحكم العرب بمضيق باب المندب وكل المضائق التي ترتبط بالمنطقة العربية، ما يتطلب من حكومات العرب المحافظة على تلك الممرات الاستراتيجية المهمة من التعاون والتنسيق العربي حتى لا تبقى بيد القوى الاستعمارية تستغله لمصالحها الخاصة، ونوه بمحاولات أميركا والغرب لمنع تحقيق المبادرة الصينية (الحزام والطريق) التي تريد فتح الممرات البحرية أمام حركة التجارة بين الدول بما يخدم مشروعات التنمية لديها.
د. المديني: منع العرب استثماره
من جهته، قدم الدكتور توفيق المديني كاتب وباحث تونسي في مداخلته معلومات جغرافية عن مضيق باب المندب ومعلومات اقتصادية وتجارية مبرزاً أهميته الاستراتيجية والدولية والأطماع الإسرائيلية لمنع العرب من استثماره خدمة لمصالح دولهم.
وأكد الدكتور المديني أن الكيان الإسرائيلي حرص على تأمين مضيق باب المندب وعدم استثماره عربياً في صراعهم مع كيان الاحتلال.
وأشار إلى أن القوى الاستعمارية افتعلت الحرب في اليمن الشقيق من التدخل وزرع الوجود الاسرائيلي في تلك المنطقة كي يحافظ على مصالحه وتمنع أي تنسيق عربي يستثمر هذا الممر وغيره في خدمة مصالح الأمة العربية.
ورداً على سؤال لـ “الثورة” أكد الدكتور المديني أن القوى الاستعمارية حولت اليمن والمنطقة عموماً إلى ساحة حرب لفرض واقع جديد يضمن لها تحقيق أطماعها وتجعل كل المضائق البحرية تحت سيطرتها وتعطل أي تنسيق عربي يستثمر هذا الممر وغيره في المنطقة.
د. عبد الكريم: قاعدة ارتكاز للكيان
من جانبه، عرض الدكتور إبراهيم عبد الكريم كاتب وباحث فلسطيني معلومات موثقة حول مراقبة كيان الاحتلال لباب المندب والبحر الأحمر وتعطيل أي مشروع عربي يستثمر هذا الممر وغيره في المنطقة.
وعرض الباحث مجموعة من الأمثلة عن تصريحات العدو الإسرائيلي حول تأمين ميناء إيلات الذي يمثل مسمار الخريطة بالنسبة للكيان أي بمنزلة قاعدة ارتكاز له، وأشار إلى الأكاذيب والأضاليل الإعلامية التي يوردها الاسرائيليون ذريعة لتدخلهم باليمن والبحر الأحمر.
ونوه الباحث عبد الكريم بأن صحافة العدو تنشر معلومات تضر بالأمن القومي العربي لتشويه الحقائق وتوظيفها في خدمة الاعتداءات الإسرائيلية ضد المنطقة العربية وتبرير احتلالها بذريعة تحقيق الأمن الإسرائيلي.
ورداً على سؤال لـ “الثورة”، أشار الدكتور عبد الكريم إلى أن الكيان حول تلك المنطقة إلى بقعة لمراكز تجسسية لمراقبة أي تحركات عربية ودولية ويرفض بقوة خروج هذا عن السيطرة، ويمكن أن يرتكب حماقات وممارسات إجرامية لتحقيق ذلك.
وقد تحدث عدد من الحضور، فأشار أنور رجا من الجبهة الشعبية إلى ضرورة المحافظة على الممرات العربية وحمايتها من السيطرة الإسرائيلية، بينما أكد الدكتور محمد البحيري ضرورة جعل الممرات بوابات قوة وقدرة للعرب، في حين عبر السفير اليمني بدمشق على أن اليمن سيبقى صامداً في وجه المشروعات الاستعمارية، وأن العدو الذي يستهدف اليمن هو نفسه الذي يستهدف سورية.
حضر الندوة طلال ناجي الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وعدد من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية والسفير اليمني بدمشق وأمين وأعضاء قيادة فرع ريف دمشق وبحضور لفيف من السياسيين والمثقفين والكتاب والإعلاميين من سورية وفلسطين واليمن والعراق وتونس.
