مبتكر شخصيات باسم ورباب وميسون في ذكراه السادسة.. ممتاز البحرة.. الدور الريادي في الرسم الموجه للأطفال
الثورة- أديب مخزوم:
مرت في 16كانون الثاني 2023، الذكرى السنوية السادسة لرحيل رائد الرسم الموجه للأطفال، ومبتكر شخصيات باسم ورباب ومازن وميسون وغيرها، أستاذ الأجيال ممتاز البحرة، وهو من أبرز مؤسسي مجلة أسامة ورسامها الأول، حيث حملت رسوماته في المناهج المدرسية وفي مجلة أسامة، هواجسه الطفولية والتربوية الريادية، على مدى أكثر من نصف قرن، وهدفت إلى توجيه الصغار واليافعين نحو مشاعر التعلق بالوطن، والدفاع عن قيم الخير والحق والعدالة، والبحث عن مصادر المعرفة والجمال والإبداع.
والذين يعرفون حيوية وتنوع الحركات والمشاهد والرموز الطفولية، التي برزت في رسوماته، يدركون تماماً، أنها الأكثر قدرة وخبرة، في تجسيد حيوية وإيقاعية أشكال الصور الحلمية، التي تصل إلى حدود الإعجاز، القائم على مبدأ إثارة مشاعر وأحاسيس وانفعالات الصغار والكبار معاً، سواء الملتقطة من واقع حياتنا اليومية أو القادمة من عوالم سحرية افتراضية وخيالية، أقرب ما تكون إلى عالم المغامرة والأسطورة.
فالطفل يقرأ القصة المصورة، ويشاهد الرسوم ويكتشف الرموز ضمن سياق متكامل ومحبب وقريب من مشاعره وعواطفه وأحلامه .. وعلاقة ممتاز البحرة ( من مواليد 1938) مع الرسوم الموجهة للأطفال، وكما قال لي في حوار أجريته معه عام 2008، بدأت مع انطلاقة مجلة أسامة عام 1969، حيث ابتكر شخصية أسامة، ثم بدأت علاقته مع الكتاب المدرسي في الصفوف الابتدائية بمبادرة شخصية من الشاعر الراحل سليمان العيسى، ومجموعة أخرى من التربويين والمؤلفين، وفيها ابتكر شخصيات باسم ورباب وميسون ومازن وغيرها، ولقد استمرت كتبه في المدارس من 1972 ولغاية 2002 أي نحو ثلاثين عاماً، وبذلك نشأت ملايين التلاميذ، على رسوماته .. وتابع البحرة حديثه قائلاً: تلاميذ المدارس كانوا يحفظون أشعار سليمان العيسى ويرددون في نهاية القصيدة اسمه واسمي، وهنا نشير إلى أن رسوماته الطفولية كانت تخاطب الملايين وربما عشرات الملايين، في وقت نجد فيه أن اللوحة الفنية التشكيلية الحديثة، تكون موجهة عادة لنخبة محدودة من المهتمين والمتابعين . ورسوماته ( من وجهة نظر نقدية موضوعية) تضاهي في حيويتها وعفويتها ومرونتها ورشاقتها، رسومات أشهر الفنانين الأجانب المتخصصين في هذا المجال.
ورسوماته التربوية التوضيحية اعتمدت في المقررات المدرسية الابتدائية، منذ عام 1972 وأخذ نجمه يزداد سطوعاً في مجال الرسم الموجه للأطفال، واستمرت رسوماته تجد طريقها الى الصغار واليافعين عبر مجلة أسامة وغيرها، وبأسلوب خاص ومتفرد وساحر ولا يبارى، تميز به خلال رحلته الفنية الطويلة، لأنها بقيت منجزة بخطوط قوية ورشيقة ومرنة وساحرة، وضمن إطار الصياغة الواضحة والمقروءة، والقريبة من اللغة الجماهيرية العامة، وبالتالي فهي لاتحتمل التأويل والتنظير لتثير الانتباه والدهشة والإعجاب، أي بخلاف اللوحة التجريدية وسواها.
إن الأجيال القادمة ستقول عنه أكثر مما قلنا، لأنها ستكون أكثر تحضراً وإنسانية وثقافة من جيلنا، وحينها سيقيم ممتاز البحرة، كقيمة فنية عظيمة، وهذا مانستشفه في سحر خطوطه وليونتها وحيويتها، والمفتوحة على عوالم الدهشة والسحر، في مشاهد الطبيعة والأطفال وأشكال الطيور والفراشات وطائرات الورق والدمى واللعب المنسية، والتي تثير مشاعر وإعجاب الصغار والكبار معاً .
ولقد تحققت خطوة حضارية تمثلت بإطلاق اسم فنان الأجيال ممتاز البحرة، على المركز التربوي للفنون في منطقة التجارة، وهذه الخطوة جاءت بعد رحيله بفترة قصيرة، ونأمل نشرها في كتاب، بطباعة أنيقة وفاخرة، لأن الكتاب هو متحف متنقل كما يقول ” أندريه مالرو “.
وأهمية ممتاز البحرة تكمن في أنه صاحب مدرسة وأسلوب خاص، في الرسم الموجه للأطفال، ظل وبخلاف رسومات معظم الذين عملوا في هذا المجال، بمنأى عن التأثيرات بالفنون الغربية، الشيء الذي ساهم بتدعيم تيار الثقافة الوطنية الطفولية .