قبل ثلاثين سنة

 

الصديق المايسترو ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية نشر على صفحته على الفيسبوك تحية للفرقة بمناسبة مرور ثلاثين سنة على حفلها الأول أرفقه ببطاقة الدعوة، ودليل الحفل. وقد أعادت تلك التحية الوفية ذاكرتي إلى تلك الأيام القليلة التي سبقت الحفل الأول حين كنت ملازماً للمايسترو صلحي الوادي أثناء إنجاز التحضيرات الأخيرة لحفل الافتتاح، بحكم الصداقة الشخصية، وبحكم مسؤوليتي المهنية كرئيس للقسم الثقافي في هذه الصحيفة حينذاك. وما زلت أذكر لحظة الخوف التي ارتسمت على وجهه حين دخلنا قاعة قصر المؤتمرات لإجراء البروفة الأخيرة، وهو ينظر بقلق إلى العدد الكبير من مقاعد القاعة الذي يفوق مرات عديدة عدد مقاعد مسرح الحمراء، حيث اعتاد أن يقدّم حفلات فرقة المعهد العربي للموسيقا التي ولدت الفرقة السيمفونية من رحمها. وهو قلق لم يخفف منه إلا تطمينات المسؤول عن القاعة بأنهم لن يفتحوا أبواب الشرفة للحضور إلا إذا امتلأت مقاعد القاعة الرئيسية. وهو ما لم يتوقعه صلحي.

في اليوم التالي لحفل الفرقة السيمفونية الأول نشرت في هذه الصحيفة نصاً عن ذلك الحدث وما سبقه. أعيد نشره اليوم كما نُشر حرفياً قبل ثلاثين سنة.

هم هكذا

يقف الباص عند البوابات الفخمة للقصر المستريح بين بساتين الغوطة فتتعلق عيون الموسيقيين بتلك الأناقة الشاغلة لكلّ مساحة في بنائه الرائع، حتى تقودهم إلى داخل القاعة الكبيرة فلا يستطيع معظمهم كتم آهة إعجاب أو دهشة كادت تنسيهم الغاية التي من أجلها جاؤوا، فينسابون بين كواليس المسرح ومقاعد القاعة، يتأملون بفرح لا يخفي نفسه ما فيها من تجهيزات تمزج الأناقة بالتطور حتى إذا ما أتمّ العاملون إعداد المنصة جلسوا إلى أماكنهم ليبدأ تدريب لا كما اعتادوا. غايته ليست اختبار مهاراتهم وانسجامهم، وإنما اختبار الصوت في القاعة التي ستشهد قريباً أولى حفلات الفرقة السيمفونية..

ينطلق صوت آلة موسيقية، ثم ثانية، ثم ثالثة، وقائد الفرقة ينتقل بين أطراف القاعة يرهف السمع إلى تلك الأصوات فيرتسم الرضا على وجهه. ثم ما يلبث أن يترجم في كلمات إعجاب صريحة..

لقد نجحت القاعة في اختبار الصوت.. يؤكد تلك الحقيقة الجمهور الصغير المتناثر بين مقاعدها الكثيرة..

ويبدأ حديث طويل بين قائد الفرقة والمسؤولين عن القاعة.. مطالب.. واستفسارات.. واقتراحات.. ثم.. سؤال بدا وكأنه كان منسياً:

– كم عدد المقاعد؟!

ويجيء الجواب أنه نحو الألفين وخمسمئة.. سبعمئة منها في الشرفة..

ويستعظم الجميع الرقم.. من سيملأ تلك المقاعد.. وأين سنجد هذا العدد من الناس مستعدين لقطع مسافة طويلة في أمسيات الشتاء الباردة لأجل الاستماع للموسيقا الكلاسيكية.. والأمر لا يتعلق بحفلة واحدة، إنها حفلات ثلاث في ثلاثة أيام متتالية؟!

يتفرق الحضور بعد ما يشبه الاتفاق على عدم استخدام شرفة القاعة. ألفاً وثمانمئة مقعد تفي بما هو أكثر من الحاجة..

نصف ساعة كانت تفصل عن بداية الحفل الأول، ومع ذلك سقط الاتفاق غير المعلن. لقد شغلت المقاعد الألف وثمانمئة جميعها، ولم يعد هناك بد من استخدام الشرفة.. في اليوم التالي لم تعد الشرفة كافية فتابع كثيرون الحفل وقوفاً حتى نهايته.. وتكرر الأمر ثانية في اليوم الثالث..

أكثر من سبعة آلاف رجل وامرأة حضروا حفلات الفرقة السيمفونية وكأنهم يفعلون ذلك طيلة حياتهم: احترام مطلق لتقاليد المسرح، وهدوء متحضر في الدخول والخروج، وإنصات قلّ مثيله طيلة أوقات العزف، وتصفيق يعرف -غالباً- متى يكون، وكيف يكون..

لقد ارتقى المكان والعمل بسلوكهم..

بل لنقل إنما أزالا عنه شوائب ليست أكثر من قشور هشة..

آخر الأخبار
صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة