الثورة – طرطوس – لجينة سلامة:
في عصر النت وتسارع وتيرة الحياة الصاخبة ومع اختلاط المفاهيم الإنسانية والاجتماعية ورغم سنوات الحرب وتبعاتها من أزمات معيشية واقتصادية و اجتماعية و غيرها لا تزال أبواب المسرح مفتوحة أمام عشاقه و متابعيه..ولا تزال الاقلام تخطّ بحبرها واقع المواطن السوري وتكتب معاناته بأشكالها المختلفة ممزوجة بالثبات على مواصلة الحياة كما اعتاد في سلام ووئام بعيداً عن العتمة التي أرادوها لأطفال وشباب هذا الوطن الغالي.
هكذا هي الحياة مستمرة طالما أن النبض حيٌّ و فعال حاله حال أطفال وطني الذين يحلمون بواقع بعيد عن العنف و القتل و الدمار و الظلم و الكذب هذا الواقع الذي تم تناوله في العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان مسرح الطفل لهذا العام والذي أقامته وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا في المحافظات السورية من ١٤ الشهر الحالي ولغاية ١٩منه بالتزامن مع العطلة الانتصافية لطلاب المدارس ..في طرطوس قدمت ستة عروض على مدى أيام المهرجان.
إقبال لافت
كان لافتاً إقبال الجمهور الذي يغص في الصالة بشكل يومي من كبار وصغار طبعاً لأن الأهل يرافقون أبناءهم..وقد تم اقتصار العروض على الفرق التي تسكن المدينة بسبب الظروف الاقتصادية والإمكانيات المتوفرة ..كما ذكرت مديرة المسرح القومي بطرطوس غادة عيسى .. ونوهت إلى وجود صعوبات عمل لكلا الطرفين أي المسرح و الفرق المشاركة وتم بذل الجهد لتلافيها .والفرق هي فرق خاصة تحتاج الى أمكنه تستوعب التدريب على المسرحية وقد تعاونا وقدمنا ما استطعنا من التسهيلات ..خاصة فيما يتعلق بالمستلزمات المسرحية من ديكور وألبسة تحتاج ولتدارك ذلك حصلت استعارات بين الفرق ومن المسرح أيضاً ..وفي أحيان أخرى تم الاستغناء عن بعض المستلزمات المسرحية دون التأثير على العرض وكان الحرص دائماً على تقديم الأعمال في مستوى معين بما يخدم الفكرة والهدف.
ومن المعلوم أن العروض المسرحية تخضع لعدة معايير لقبولها أهمها أن يكون النص بمستوى أدبي معقول وأن يطرح موضوعاً يهم الطفل ويتماهى مع الموضوع التربوي..وأن يكون أسلوب الطرح قريباً من ذهن الطفل ويفضل الطرح الذي يحمل معه ابتسامة بالإضافة إلى أهمية أن يكون الموضوع من الواقع وقريباً منه .. وهذا لا يعني أنه لا يوجد أعمال تحاكي الخيال لكن في نفس الوقت تطرح خيالاً رمزياً لموضوع مهم في حياتنا الواقعية.
وقد تأتي الأفكار على ألسنة الحيوانات.
وجدير بالذكر أن هذه المهمة تقوم بها لجنتان في المسرح.. لجنة قراءة النصوص وتقييمها ولجنة متابعة المشاهد وتقييمها كما أوضحت مديرة المسرح.
(حلمي)
ركزت المخرجة أمل العلي في عملها المسرحي (حلمي) على قضايا تخص الواقع المباشر و الحيوي لعالم الطفل الذي يعيش في بيئة و ظرف لا يشبه أحداً إلا هو فتطرقت إلى موضوع النظافة و الحفاظ على البيئة .. وركزت في عملها على الجمع
بين العمل التفاعلي ومسرح الطفل الدرامي القصصي بقالب كوميدي.. حيث عرض الأطفال أحلامهم البريئة المتأثرة بشخصيات كرتونية ليعيشوا حلم الطفولة ومايواجههم من تعارض مع رغبات الأهل ومشاكل وصعوبات ذلك ومدى الإصرار على تحقيقها..وتنطلق المخرجة في هذا العمل من إيمانها بقيمة التعاون وتكاتف جبهات العمل للوصول للهدف السامي الذي يخصّ الطفل وعالمه وهو أنه بأقل التكاليف و ضمن الإمكانيات المتوفرة نستطيع أن نحقق المعجزة والحلم.
(شروق )
يقول المخرج عصام علام شاركت «فرقة العراب للفنون المسرحية» بالعمل (شروق )الموجه لفئة اليافعين.
وسلطنا الضوء على جوانب خفية في نفوس أبنائنا و أشرنا إلى أخطاء الكبار التي ترتكب بحق الصغار.
بمعنى آخر والكلام للسيد علام :قلبنا الطاولة على مفاهيم المجتمع المغلوطة عن الجيل الجديد..المتّهم بأنه غير مسؤول أو ليس لديه هدف .. وإذا كانت هناك من مشكلة فالأهل والمجتمع هما السبب .. وحاولنا طرح الحلول ونوهنا إلى دور المعلم الأبوي للتلاميذ في حياتنا..وركزنا على قضية هامة وهي أنه بالمحبة والتعاون نبني البلد ونحافظ عليه ..وقد رافق العمل المسرحي العزف الموسيقي والغناء باعتبار أن (فرقة العرّاب) تملك عازفين مميزين و أصواتاً جميلة..
(الأصدقاء)
أُنس حرفوش مديرة فرقة شهرزاد المسرحية عالجت في مسرحية الأصدقاء عدة أمور تربوية وأخلاقية تتعلق بعالم الطفل ولامست واقعه وتطرقت إلى المشاكل التي يعاني منها الطفل كالإدمان على الجوال والخجل والغرور بشكل بسيط ومحبب وغير مباشر ..ونوّهت بالآثار السلبية لها وكيف نعمل على تقوية الشخصية وطرح الحل من خلال المواقف التي نمرّ بها وأهمية العلاقات التي تنشأ بين الطلاب في المدرسة والتي من الضروري أن يكون الصدق والمحبة أساسها.
(الذئب ياعمدة المكان )
المخرج ايفان نابلسي يقول تناولت في العمل الذي قدمته بعنوان (الذئب ياعمدة المكان ) قضية التنمرخاصة بين الأطفال التي قد يتعرض أي منهم لحالة تنمر من زميله بالمدرسة والمشكلة أن الطفل المُتَنمِّر يتصرف بهذا الأسلوب دون وعي أو دراية لخطورة مايفعله.
ومن هنا جاءت ضرورة وأهمية التوعية لهذه المشكلة الاجتماعية عبر عمل مسرحي يحتاج لدقة وحذر في آلية الطرح والمعالجة بشكل غير مباشر لتصل الفكرة للمتلقي..فكان الخيار الأمثل هو إظهار شخصية سلبية كل الأطفال على اطلاع بها من القصص وهو الذئب عبر تساؤل لم هو على هذه الحالة من السلبية والإساءة والتنمر.
(أورنينا ) على مسرح الطفل
دعاء غريب تتحدث عن مشاركتها فقالت: هذه المشاركة الأولى لي مع فرقة( أورنينا ) التي تضم 50 طفلاً ويافعاً(عزفاً وغناءً) تحت إشراف الفنان الملحن مهدي ابراهيم.
حاولنا عبر مشاركتنا أن نحاكي الطفل من خلال اختيارنا للأغاني وجاءت الأصداء إيجابية وجميلة.. لمسنا ذلك عبر تفاعل الجمهور ..وقد راعينا في هذا الذائقة الموسيقية لدى الاطفال واليافعين وركزنا على الألحان الراقية والكلمة الهادفة في محاولة منّا للإشارة إلى أن هناك ما يلامس اهتماماتهم ورغباتهم بالشكل الذي يحترم أعمارهم وذائقتهم التي هي مسؤوليتنا خاصة وأن الساحة اليوم مفتوحة على الملأ دون رقيب أو حسيب وهي مسؤولية الأهل أيضاً في أخذ الأبناء إلى ما يناسبهم وجيلهم ..
(ماشا والدب )
جاك عاقل عن مشاركته يوضح أن هذا هو عملي المسرحي الأول ككاتب و مخرج ..قدمته بطابع كوميدي و تفاعلي مع الأطفال لعمر ال ٣-٧ سنوات من فئة فن المسرح (من الكبار للصغار) ..تناولت فيه ثلاث أفكار وهي النظافة و الترتيب في حياة الطفل و التأثير السلبي لاستخدام الجهاز الخليوي بشكل عبثي و الكذب الأبيض عند هذه الفئة العمرية هرباً من قول الحقيقة ومخافة العقاب..وقد لمست مشاركة جماهيرية واسعة وهذا ما يشجع للعمل مجدداً في المسرح خاصة و أن محافظة طرطوس تزخر بكوادر شابة مفعمة بالطاقة تنتظر العمل على خشبة المسرح بحيوية رغم الظروف الحالية و العمل ضمن الإمكانيات المتوفرة و حاجة المسرح إلى الصيانة في بعض الجوانب.
المسرح في أمان
الجميع كانوا خلية نحل تعاونوا فنجحوا بتواضع ويأملون الأفضل ..كان العمل في أجواء من الألفة والمحبة لإنجاح أيام مهرجان مسرح الطفل انطلاقاً من الوطنية والمهنية والرغبة في تنشيط الحركة المسرحية بطرطوس..وهي على موعد دائماً مع مسرحيين وفنانين لهم طموحهم الكبير في أن تظل خشبة المسرح منصتهم لعروضهم التي تلقى الاهتمام والتقدير من قبل المعنيين الذين لا يتوانون عن تذليل الصعوبات وتأمين المستلزمات ضمن الإمكانيات المتاحة ويتفهّمون ظروف العمل في هكذا أجواء ..وللأمانة أن واقع الكهرباء وأزمة المشتقات النفطية لم ولن توقف عجلة الحياة على خشبة المسرح ..وقد يضطر القائمون على إدارة المسرح إلى العرض في الهواء الطلق إذا ماضاقت الأمور أكثر من ذلك..وقد بات كل شيء جائزاً..المهم أن لاتقف الحياة عند ظرف متغيّر والتاريخ يسجل حاضرنا.