ظافر أحمد أحمد:
ترتكز الموضوعية في فهم الواقع السوري على أهم حقيقة واضحة للعيان ولكن ينساها ويتناساها البعض وهي (أنّ سورية في حالة حرب)..، ولا يعني خمود المعارك أنّ الحرب على سورية والتي تجري على الأرض السورية قد انتهت.
تتوافر ظروف كثيرة تستوجب التذكير بحالة الجغرافيا السورية على أعتاب العام الثالث عشر من حرب طاحنة بدأت منذ العام 2011..، فالمشهد السوري لا يخفي الواقع المعقد في الشرق والشمال حيث ينتشر احتلالان أميركي وتركي، ومجموعات انفصالية توزع تبعيتها لهما، إضافة إلى فلول داعش ومجموعات إرهابية أخرى.
وما من عاقل يمكنه الحكم الموضوعي على الواقع السوري من دون أن يتعرف على أهم خسارة اقتصادية سورية التي مازالت تتجسد في وقوع الثروة النفطية السورية تحت سيطرة أدوات انفصالية يرعاها الاحتلال الأميركي الذي استباح النفط السوري ويسرقه بشكل ممنهج، إضافة إلى ممارسات أدواته العميلة تجاه أهم منطقة خاصة بثروة القمح السوري لتتكفل استباحة النفط والقمح بخلخلة أمن الطاقة السوري والأمن الغذائي..، وهذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها وهي مفتاح رئيسي لفهم الواقع الاقتصادي الضاغط على السوريين الذين يتعرضون بشكل ممنهج أيضا لتأثيرات الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها الولايات المتحدة ضد سورية وما يعرف بقانون قيصر والذي شملت تداعياته شتى القطاعات الاقتصادية السورية الأخرى، وتستهدف حتى القطاع الصحي..
ومع الاستقرار في شتى المناطق السورية بعد معارك طاحنة خاضها الجيش السوري بوجه المجموعات الإرهابية المسلحة خصوصا في المنطقة الوسطى والجنوبية..، فإنّه لا يستهان بأعباء عملية إعادة إعمارها في وقت تصبح الأولوية بتأمين المتطلبات الغذائية والصحية اليومية إضافة إلى متطلبات الدفء في الشتاء الذي إن بخل بخيراته أو حفل بالكرم يمر قاسياً على المواطن.
ويتطلب إكمال المشهد السوري بتوثيق إحداثيات واقع بعض المحافظات التي تقع مساحات منها خارج سيطرة الدولة السورية بكل المقومات التي عطلّها ويعطلها الإرهاب في هذه المساحات التي لم تصلها بعد عمليات التطهير والتحرير من الإرهاب والاحتلالات..
ولا يمكن التغاضي عن التظهير الدائم لدور الاحتلال الإسرائيلي أيضاً الذي لا يوفّر غاراته الوحشية على الجغرافيا السورية بين الحين والحين.
إنّ الفهم الحقيقي لتعقيدات الواقع السوري تؤدي بطبيعة الحال إلى الحكم السليم على شتى التباينات الخاصة بآلية التعامل مع واقع يحدد مسؤولية جسيمة على أي مواطن وعلى شريحة الحكوميين تجاه حسن التفريق بين متطلبات متوفرة وإمكانات محلية يمكن القيام بها، ومتطلبات مؤجلة لارتباطها بظروف قاهرة.. وإنّ الأمل بتجاوز الواقع بكل صعوباته يرتبط باستكمال السوريين لطريق مكافحة الإرهاب، وقدرتهم على الإعمار ومواصلة الحرب حتى الوصول إلى مرحلة الحصانة من المخاطر، إنّه واقع سوري لا مفر منه، وقدر سوري لا بد من حسن استقرار خواتيمه.