الثورة – أسماء الفريح:
يواصل الهلال الأحمر القطري جهوده الإنسانية للتخفيف من معاناة آلاف المرضى في سوريا، حيث بدأ مؤخراً تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع “جسور الشفاء والأمل”، الذي يهدف إلى توفير الأدوية الكيميائية والمناعية والهرمونية مرتفعة التكلفة لمرضى السرطان المسجلين في مراكز الأورام شمالي البلاد وذلك لمدة 5 أشهر.
ووفق الهلال الأحمر القطري، فإن المشروع سيستهدف 112 مريضاً بشكل مباشر، إضافة إلى 560 شخصاً من أسرهم والمجتمع المحلي، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومديريتي الصحة في كل من إدلب وحلب لضمان جودة العلاجات وتوزيعها بشكل عادل ومنظم.
وقال محمد بدر السادة، مساعد الأمين العام للإغاثة والتنمية الدولية بالهلال الأحمر القطري، إن “استمرار ارتفاع معدل الوفيات ونقص الموارد الطبية في سوريا يستدعي تكثيف الدعم”، لافتاً إلى أن الهلال الأحمر القطري يعمل حالياً على التحضير لمشروع جديد لتوفير أدوية كيميائية ومناعية لـ400 مريض سرطان من النازحين والمحتاجين.
من جانبه، أكد مازن عبد الله رئيس المكتب التمثيلي للهلال الأحمر القطري في تركيا وسوريا، لموقع الجزيرة نت أن المشروع يأتي امتداداً لمرحلة أولى نُفذت عام 2024 واستفاد منها أكثر من 900 مريض سرطان، إلى جانب دعم مراكز العلاج بالتجهيزات وتدريب الكوادر الطبية.
وأضاف: “ندرك تماماً أن العلاج الكيميائي والمناعي والهرموني ليس خياراً، بل هو حق أساسي لكل مريض، ومن واجبنا الإنساني العمل على سد هذه الفجوة الحرجة في الرعاية الصحية”.
وأوضح أن المشروع الجديد سيسهم في خفض معدلات الوفيات والمضاعفات الصحية، وتخفيف الضغط عن المرافق الصحية المحلية عبر الحد من الحاجة إلى تحويل المرضى للعلاج خارج سوريا، وهو ما يخفف من أعباء مالية وصحية جسيمة على المرضى وأسرهم. ويقول عبد الله: “لن نترك مرضى السرطان وحدهم، وسنواصل مد جسور الأمل والشفاء لهم لنساهم في تخفيف معاناتهم وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية التي يستحقونها”.
من ناحيته، ذكر زهير قراط مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة السورية في حديث للجزيرة نت، أن “الاحتياجات الأساسية لمرضى السرطان في سوريا تتلخص في الأدوية الكيميائية والمناعية، إلى جانب أجهزة العلاج الشعاعي وبعض المعدات الطبية الضرورية للاستقصاء المبكر”.
وأضاف أن الوزارة تبذل محاولات لتأمين الأدوية عبر شركات خارجية أو شركاء محليين ودوليين رغم العقوبات، لكن الأمر يتطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً، لأن أعداد مرضى السرطان في تزايد مستمر. ووفق إحصاءات وزارة الصحة فإن عدد مرضى السرطان في سوريا قبل سقوط المخلوع بشار الأسد بلغ نحو 14 ألف مريض بالغ، في حين تُقدّر مديرية الصحة في إدلب عدد المرضى الموثقين شمال غربي البلاد بنحو 6 آلاف مريض، بينهم أكثر من 3100 في إدلب وحدها. ومن بين المرضى الذي أعاد لهم المشروع الأمل في الحياة مجدداً، أحمد كامل “45” عاماً، وهو نازح يعيش بأحد مخيمات الشمال السوري، الذي فوجئ قبل أشهر بعودة المرض إليه بعد أن تعافى منه نسبياً عقب تلقيه العلاج الكيميائي بعد تشخيص إصابته بسرطان الجهاز الهضمي عام 2008. ويقول أحمد للجزيرة نت: “كنت أعيش في خيمة، ولا أملك حتى قوت يومي.. وعندما أخبرني الأطباء بأنني بحاجة لدواء باهظ الثمن، شعرت أن حياتي انتهت”، موضحاً أن العلاج مناعي مقسم على عدة جرعات بتكلفة تبلغ آلاف الدولارات وهو ما يفوق قدرته كلياً.
ويشير إلى أنه بعد إدراجه ضمن مشروع “جسور الشفاء والأمل 2” للهلال الأحمر القطري، تسلم جرعاته العلاجية بانتظام، ليعود الأمل مجدداً إلى حياته، ويقول: “اليوم أشعر أنني وُلدت من جديد.. لولا هذا الدعم، لكنت الآن في عداد الموتى.”لا يقتصر التحدي الذي يواجه مرضى السرطان في سوريا على تكلفة الأدوية فحسب، بل يشمل أيضاً ضعف البنية التحتية الصحية، وقلة المراكز المتخصصة، وصعوبة الوصول إلى العلاج في الوقت المناسب. وفي آذار الماضي، أطلقت وزارة الصحة نداء صحياً عاجلاً لكل الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي “الأمم المتحدة، منظمة الصحة العالمية، منظمة اليونيسف، الاتحاد الأوروبي” وللدول الشقيقة والصديقة وللصناديق الإنسانية وللمنظمات غير الحكومية من أجل توفير الأدوية لمرضى السرطان، مؤكدة استعدادها الكامل للتعاون مع كل شريك راغب في مد يد العون لتزويدها بها، ووضع خارطة طريق عملية قائمة على التنسيق والشفافية لضمان وصول العلاج إلى مستحقيه.
ويرى مسؤولو الهلال الأحمر القطري أن استمرار مبادرات إنسانية مثل “جسور الشفاء والأمل” يشكل بارقة أمل حقيقية.