الملحق الثقافي-ديب علي حسن :
عندما نقرأ في تاريخ الأدب العربي عن الشعراء وإبداعهم كثيرًا ما مرت عبارات توحي بالعديد من طقوس الإبداع ..فهذا أبو تمام تسمى قصائده الحوليات ..أي يبقى ينقح ويعيد كتابتها مدة عام ..وذاك الفرزدق كما يقال كان يعاني خلجات ولادة القصيدة بطقوس غريبة ..وقيل إن الفرزدق ينحت من صخر، وجرير يغرف من بحر..
وغير ذلك كثير، مثل المتنبي الذي لم يكن يلقي شعره إلا جالساً في حضرة المتنبي ..
هذه الطقوس يسميها علم النفس ميسرات الإبداع وقد اتخذت دراستها في النقد وتاريخ الإبداع منحى مهماً وجديداً..
إنها طقوس تدل على عمق معاناة المبدع، وتشي بالكثير مما يمكن أن يقرأه الناقد والمتابع.
في سير المبدعين العالميين الكثير من هذا اللون وقد حاولنا أن نجمع بعض خيوطها مع استطلاع آراء مبدعين من أجيال مختلفة ليقولوا ما لديهم.
ومن خلال قربي ومتابعتي لبعض من أعرفهم من الكتاب أشير إلى أن الراحل سليمان العيسى كان يضع الورقة على ( ركبته ) ويجعل منها متكئاً وتنسال القصيدة الرائعة بخط لا أجمل ولا أبهى.
وأستاذنا الراحل يوسف المحمود حين كان يرسل زاويته الصحفية يترك نصف الصفحة الأعلى فارغاً دون كتابة ويحشر المادة في النصف الأسفل وكم كان الأمر صعباً حين التنضيد لكنه ممتع.
وقد قيض لي أن أعمل في مذكرات الجواهري الجزء الأول..كانت الصفحات ملأى بالخطوط والتشطيب والتشكيل ..وفي طقوس الكتاب العالميين الكثير مما سوف نشير إليه من خلال الدراسات التي تتبعت الأمر.
إنها طقوس جميلة وغريبة ومخاض آلام لكنه ألم الإبداع .
العدد 1131 – 7-2-2023