تتواصل يوماً بعد آخر، المنشورات المرتبطة بكارثة الزلزال، الذي ترك خلفه فواجع الموت تحت الأنقاض ، وأدى إلى انهيار وتشقق آلاف المباني في المدن المنكوبة، وفنانونا يواصلون إنجاز اللوحات والمنحوتات والمحفورات، كما أقيمت وستقام معارض كثيرة داخل وخارج سورية يرصد ريعها للمنكوبين.
والأعمال الفنية تتنوع في أساليبها وتقنياتها في خطوات التعبير عن مدى حجم الخراب والدمار، فالانعطاف أو التحول الجديد في التشكيل السوري على صعيد الموضوع، لا يمكن ان يكون إلا صدى لمرايا الموت وأشلاء المدن والقرى المنكوبة والأحلام المفجوعة وسط أشباح الدمار والخراب والأهوال والمآسي والأحزان المتواصلة.
هكذا تبرز تداعيات المرحلة المفجعة في أعمال فنانينا، إضافة إلى أننا لمسنا في بعض الأعمال إصراراً، على استخدام بعض الرموز مثل طائر الفينيق والحمامة ، وهذا التداخل بين رموز الموت ورموز الولادة الجديدة من تحت الأنقاض، يمنح المشاهد فسحة من التفاؤل والأمل، بالرغم من اعتماد لغة اللون الرمادي في العديد من الأعمال،و الذي يرمز إلى رمادية المرحلة المتدرجة إلى حدود السواد الكلي والمطلق.
فمن خلال تكرار التعامل مع هذه الرموز يريد الفنان أن يكون شاهداً على مرحلة، في محاولة لالتقاط تفاصيلها ومآسيها المتجددة مع إطلالة كل صباح وإشراقة كل شمس.
وتتداخل الدلالات التعبيرية في اللوحة حتى درجات التناقض، فالدمج ما بين رموز الموت والخراب والدمار، وبين رموز الحياة والولادة الجديدة، يعبر عن تداخل الأحاسيس والرغبات والهواجس الإنسانية العميقة التي يعيشها الفنان اثناء إنجاز اللوحة.
وحتى لا يتحول هذا الخراب والدمار والموت إلى كابوس دائم ، يرسم الفنان الحلم بالمستقبل، يرسم رموز الولادة الجديدة ويترك فسحة أمل في لوحاته، حتى لا يموت العشب في الأمكنة المنكوبة.
والأمكنة التي لا تزال تتعرض لزلازل متواصلة ، تحمل كل الأوجاع والقلق والترقب والرعب، المجسد بثقل خطوات التشرد، اما الوهج اللوني فهو يخفف من حدة السواد، ويمنح العين المزيد من الأمل بعودة الحياة، إلى الوجوه الذابلة والمكسورة والممحية والغائبة وسط ركام الأبنية المنهارة والمتصدعة ، وأنين العيون المسافرة مع الأحزان.
