منذ أسبوع وأكثر.. اختفى البصل عن المائدة السورية تلك المادة الملازمة للمأكولات على أنواعها فهي المادة الأكثر التصاقاً مع الخبز، ويمكن أن تراها ضمن وجبات الفطور والغداء والعشاء، ربما هذا الحضور الدائم للمادة، يتعلق بفوائد البصل أو بما يضيفه من نكهة توازن على الأطباق أو لأنه من السهل تواجده بسبب كثرة إنتاجه ورخص ثمنه على مدى سنوات وعقود.
على أي حال كل هذا الكلام توقف عندما غاب البصل عن المائدة.. هذه المادة التي لم يتوقع المواطن اختفاءها من السوق ومن المحال التجارية بهذه الطريقة غير المسبوقة ولم يحصل أن غاب البصل بهذه الطريقة المجحفة، لكن يبدو أنه أول ماغاب عن حسابات أصحاب الخطط الزراعية، فإن عجزوا عن تغيير أرقام الإنتاج كان بإمكانهم التنبؤ بما سيحصل على صعيد فقدان المادة من الأسواق لاتخاذ القرار المناسب، أو أنهم كانوا في غفلة من أمرهم وتلك هي المصيبة، لأنهم لو توقعوا وحللوا واستنتجوا لكان قرار الاستيراد المحزن لهذه المادة سابق في توقيته، فهذا القرار المتأخر إن دل على شيء دل على عدم القدرة على مواكبة حاجة الأسواق وعدم تناغم الخطط الزراعية والاقتصادية والأولويات مع الواقع.
الحديث عن البصل أصبح أهم مايتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، فهنالك من يجد أنه ثمة ما هو أهم من مادة البصل وهو الحالة المعيشية والقدرة الشرائية المتراجعة والمتهالكة يوماً بعد يوم لدى المواطن، لكني أجد أن البصل وتوافره أو عدم توافره هو مؤشر مهم على تلك الحالة وأولها عدم قدرة المواطن على تخزينه لأنه إذا ما أراد التخزين فستكلفه مونة البصل في موسمه أكثر من دخله الشهري بكثير، وحتى من قام بتخزين البصل فإنه اليوم انتهى من مخزونه، فإذا لم تستطع الجهات المعنية بكل إمكاناتها تخزين البصل فكيف لمحدودي الدخل أن يقوموا بذلك؟.
على سبيل النكتة نحن اليوم أحوج مايكون لننسى مايمر بنا من أحزان وخاصة تداعيات كارثة الزلزال لذلك لاتنطبق علينا مقولة “كول بصل وانسى يلي حصل” .