ستكون المباريات الودية القادمة أولى تجارب الأرجنتيني كوبر مع نسور قاسيون بعد مفاوضات حقق فيها بعض شروطه ولم يحقق بعضها الآخر، لأنه كان يتضمن حسب مصادر مطلعة تدخلاً في شؤون إدارية للمنتخب تابعة قانونياً لاتحاد كرة القدم وبعيدة -حسب الاتحاد- عن الجانب التدريبي و الإدارة الفنية.
بالنسبة لنا ما يعنينا أن كوبر سيقود المباريات الودية القادمة مع منتخبنا،الذي تقف معظم الدوريات اليوم في العالم دقيقة صمت قبل أي مباراة تعاطفاً واحتراماً للضحايا الذين دفنوا تحت الأنقاض وجرحاه، والناجين ممن فقدوا عوائلهم والمشردين الذين فقدوا بيوتهم، فهي لن تكون مباريات ودية بقدر ما ستكون مباريات دعم نفسي يحتاجها اللاعبون الذين تعرضوا مثل كل السوريين لآلام نفسية هائلة بعد الكارثة، وربما يكون منهم فقد عزيزاً غالياً على قلبه وأحرقت قلبه نيران الألم.
نقول هنا: إن الودية ضرورية يحتاجها لاعبونا ويحتاجها جمهورنا الجريح من أجل العودة إلى الحياة بعد الدمار، ومن أجل العودة إلى المقاييس الرياضية للمستطيل الأخضر ومن أجل العودة إلى المزاج الكروي فهو جزء من الحياة التي لابد من استعادتها.
ستكون وديات سهلة- هذا واضح- فالطرف الآخر لن يكون قتالياً حتى لو كان نهائي كأس عالم، فالكرة لم تنشأ في الغابة بل نشأت في أكاديمية أفلاطون الأخلاقية، وربما لا يعرف الكثيرون هذا، إن معظم أنواع الرياضات نشأت هناك بين يدي أفلاطون، وإلى هذه الأكاديمية انتمى الغاني محمد عبد القدوس الذي خلع قميصه بعد الهدف الرابع لفريقه واحتفل بهدفه بكتابة على قميصه الداخلي موجهة لمواطنه الراحل أتسو قائد المنتخب الغاني السابق والذي راح ضحية الزلزال في هاتاي التركية، وإليها ينتمي محمود المواس لاعب نسورنا بعد هدفه في الدوري العراقي وقد أبكى الجمهور العراقي من مشجعي الفريقين بعد بكائه على نكبة بلده، وإليها ينتمي حكم مباراة عبد القدوس الذي كسر كل قواعد الفيفا ولم يعط إنذاراً بل اكتفى بالطبطبة عليه قائلاً: “سأتجاهل هذا، فأنا أحترم حزنك، لا يجب أن تخلع القميص!!”.
ستشكل الأخلاق الرياضية في الوديات دعماً نفسياً ممتازاً لنسورنا الجريحة، ستعيدهم إلى الملاعب بهدوء وطمأنينة ، وهذا هدف لو تحقق فإنه عتبة مرور أولى لنسورنا من الموت نحو الحياة، هيا إذن فلتكن النتائج ما كانت المهم هو العودة.