لم يعد مقبولاً على الإطلاق واقع أسواقنا وحالة الغليان غير المسبوقة التي تشهدها الأسعار والتفاوت الكبير بين محل وأخر في المكان نفسه، والتبريرات دائماً جاهزة وحاضرة لدى تاجرنا لكن هذه المرة المسبب هو الزلزال إضافة إلى الذرائع التكميلية كارتفاع سعر الصرف وتحرير الأسعار التي لعبت دوراً لا يستهان به في حالة الفلتان السعري وتحكم التاجر وفرضه السعر وهامش الربح وفق مصلحته الشخصية.
في الواقع من يسمع التصريحات التي يُطلقها قطاع الأعمال والتي ترد ارتفاع الأسعار إلى تراجع مخزون المواد الغذائية بسبب الزلزال يجعلنا نسأل ماذا عن التوازن في السوق، بكل ما تعنيه الكلمة.
وعند الحديث عن ارتفاع الأسعار تتجه الأنظار إلى وزارة حماية المستهلك التي يعتبرها الجميع المسؤولة عما يجري في أسواقنا بل يذهب البعض الأخر إلى أنها مغيبة بشكل كامل.
للأسف إن عدم تعامل الجهات الوصائية مع ملف الأسعار بشكل جدي خلال السنوات الماضية انعكس بصورة سلبية على الأسواق وبات المواطن يعيش مياومة لتأمين الحد الأدنى من مستلزماته الضرورية، ويبدو أن الأمر ربما يتفاقم مع قدوم شهر رمضان من دون وجود أي خطة عمل فاعلة على الأرض للحد من تداعيات الظروف الاقتصادية الراهنة.
الحل كما يراه الجميع لن يكون إلا من خلال سيطرة الحكومة على موضوع الأسواق لتكون هي المستورد بدلاً من التاجر، أي أن تستورد لحسابها الخاص عبر مؤسسات التدخل الإيجابي المتمثلة بالسورية للتجارة وإبعاد يد المستثمر عن تلك المؤسسات وعلى التوازي لا بدّ من تشديد الرقابة الفاعلة على أسواقنا من خلال تطبيق القوانين والعقوبات الرادعة، وليس مجرد تسجيل أعداد جديدة لضبوط على الورق فالوضع لم يعد يحتمل.