بشكل مفاجئ.. قرّرتْ ونفّذتْ..
فبعض الأمور تحتاج حسماً سريعاً وقراراً أسرع..
لا ينفع كثر التفكير فيها.
أيقنتْ أن الانشغال وحده كفيل بتغيير حالها ومن ثم مزاجها.. الاستغراق بتفاصيل العمل دون أدنى فرصة للعودة إلى تأمّلات الحاصل.. وما استجرّه من فوضى وانعدام للظروف الإنسانية.
أرادتْ انفلاتاً من دوامة “الآن وهنا”..
التحرّر ولو لبرهة من انسحاقات الزمن عبر مشاركة الآخر بأي شيء مهما صغر شأنه.
هكذا، أدارتْ ظهرها لكل السّيَر التي أصبحت فرضاً يومياً لاسيما على مواقع التواصل.. لكل أحاديث الهزّات الأرضية وارتداداتها التي تحوّلت (تريند) نتداوله لا شعورياً..
أرادت قلب هذا (التريند) وفق مزاج رغباتها وحدَها..
والهروب من كم أحاديث الحزن الذي أصبح بضاعةً نتناقلها بخفّة تقليب صفحات المواقع الالكترونية..
وكأن أحزاننا أصبحت دون هيبة..
كثيرة.. متوفرة.. طاغية.. سائدة..
تعرّش على بصرنا قبل قلوبنا..
هذه المرّة أرادت للفرح أن يعرّش على كل حواسها..
فصنعت فرصةً وابتكرت شيئاً مختلفاً لكسر روتين اللحظات.. يهبها ذكرى سعادة، ولو كانت مؤقتة..
فكان وجود (الآخر) وكانت لحظة الالتهاء عملاً.. نقاشاً.. ونسياناً لكل البشاعات الأخيرة، ولو لحظات.
ثمة ثقةٌ تكبر داخلها كلّما زاد منسوب الحزن في يومياتنا بأن إحساس الفرح أكثر قوةً من كل أحاسيس الحزن والتعاسة.. وعلى رأي نيتشه (الفرح أشد عمقاً من الحزن).. ووفق تفسير كليمون روسيه (الفرح أشد خصوبةً من الحزن)..
لا تقتنع بكلام الاثنين فقط، بل تطبّق ذلك مهما كان الحزن ينخر في عظام يومياتنا..
فمهنتنا، تحديداً أبناء هذه الأرض، تتمثّل بتخزين لحظات الفرح لتفتيت الحزن مهما بدا صوت حضوره صاخباً.