نعرف جميعا أن تجارنا يستوردون خردة العالم من سيارات وأجهزة كهربائية وإلكترونية وحتى أقلام الكتابة ويبيعونها بأعلى الأسعار، ولكن الزلزال كشف لنا أن التجارة ليست في الاستيراد فقط وإنما في كل القطاعات، فما بدأت تكشف عنه كارثة الزلزال من غياب أي مواصفة لعدد من الأبنية المنهارة يُضيف إلى ما تم الكشف عنه سابقاً عن رفض مصر إدخال التفاح السوري، ورفض روسيا لبعض شحنات الحمضيات بسبب وجود أثر متبقي للمبيدات في هذه المنتجات، والأغرب أيضاً أننا نستورد منتجات هذه الدول التي تبدو للعين المجردة غير صالحة للاستهلاك كما في شحنة البصل الأخيرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل كل هذه الخردة التي تدخل بشكل نظامي إلى الأسواق السورية مطابقة للمواصفة القياسية السورية؟
أم أن العينات التي يتم تقديمها إلى المخابر للتحليل هي غير تلك البضاعة التي تدخل الأسواق؟.
الزلزال كشف فساد تجار البناء وحالات الغش وربما الإسمنت، وحالات السرطان والأمراض المنتشرة بكثرة تكشف فساد ملف استيراد وتصنيع المبيدات الصحية والزراعية، وحاويات القمامة الممتلئة بالألعاب والتجهيزات الكهربائية والالكترونية تكشف تدني جودة مواصفة هذه التجهيزات والقائمة تطول.
ما تدفعه الخزينة لتوريد منتجات رديئة هو السبب في استنزاف الخزينة، فالتجهيزات عالية الجودة نستبدلها كل خمس سنوات أو أكثر ولكن المنتجات الرديئة نستبدلها كل عام أو كل عدة أشهر كما في تجهيزات الإضاءة من ليدات ولمبات وانفيرترات وبطاريات وتجهيزات الطاقة الشمسية وبالتالي نخصص كل عام قطعاً أجنبياً لتوريد هذه التجهيزات بدل أن نخصصه كل خمس سنوات، والأمر ينسحب على السيارات وقطع التبديل وكل ما نستورده، والقطاع الصحي يدفع فاتورة ضخمة نتيجة فوضى سوق المبيدات مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية والفعالية، والأمر ينسحب على كل القطاعات.
غياب الضبط والمواصفة ندفع ثمنه مادياً وصحياً، منتجاتنا فقدت أسواقها، والمواطن بات عاجزاً عن تأمين أبسط احتياجاته، وما في الأسواق أصبح أغلى من كل دول الجوار رغم أننا ننتج قسماً كبيراً منه، والأغرب أن أردأ المنتجات لدينا أصبحت أعلى سعراً من أجود المنتجات في الدول الأخرى.
نحن بحاجة إلى تغيير المعايير وآلية الرقابة والضبط والمحاسبة وتحميل المسؤوليات.
معد عيسى