الصين رعت الاتفاق.. والمحللون: دلالات على تراجع النفوذ الأميركي

عبد الحميد غانم:

استحوذت رعاية الصين للاتفاق السعودي الإيراني اهتمام المراقبين والسياسيين، ليس لأهمية هذا الاتفاق على عودة العلاقات السياسية بين البلدين، والذي يزيد من فرص تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، بل لأنه يسلط المزيد من الضوء على الدور المتنامي للصين في المنطقة التي شهدت خلال السنوات الماضية تأجيجاً للصراع، نتيجة للسياسات الأميركية والغربية، التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم برمته.
فالغرور والصلف السياسي الذي أظهرته الولايات المتحدة الأميركية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الحالي وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001، بغزو أفغانستان ثم احتلالها تحت حجج واهية، ثم غزو العراق واحتلاله عام 2003، وأيضاً تحت ذرائع وأكاذيب غير حقيقية، وفرضت إرادتها على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي سار وراءها في كل خطوة.
لكننا في العقد الثاني وبداية العقد الثالث من القرن الحالي، نشهد انتكاسات لهذا التفرد والعنجهية الأميركية، فقد فرملت التطورات الإقليمية والعالمية لاسيما الحرب الإرهابية الكونية ضد سورية التي تزعمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها والصهيونية، وأخذت على عاتقها دعم ومساندة القوى الإرهابية ضمن إطار مخطط تقسيمي للمنطقة، الذي فشل فشلاً ذريعاً لأسباب مهمة يدخل في مقدمتها صمود سورية وشعبها ودولتها وبسالة جيشها، إلى جانب تضامن ومواقف القوى الحليفة لاسيما روسيا وإيران والصين الشعبية، ويسجل لمواقف روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي الرّيادة في قطع الطريق أمام الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الغربية لاستغلال مجلس الأمن لاستصدار قرارات تورط الأمم المتحدة في خطوات تهدد الأمن والاستقرار العالميين، مما عزز هذا الفشل خطوات التقدم نحو نظام عالمي جديد تعددي ينهي حالة الهيمنة المنفردة للولايات المتحدة التي عانى منها العالم ومنطقتنا بالأخص من كوارث كبيرة وعديدة، لا تزال تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
جمهورية الصين الشعبية تشهد خطوات متقدمة سياسياً واقتصادياً نحو تعزيز دورها المتنامي إقليمياً وعالمياً، وفق النهج السياسي والاقتصادي لبناء مجتمع الصين المتقدم والتقدم بخطوات شجاعة نحو المستقبل المزدهر، حيث حافظت الصين على علاقات صداقة متينة مع دول العالم في كل القارات على أسس التعاون الاقتصادي والسياسي وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول ودعم مسيرة التنمية لديها عبر طرح مبادرة الحزام والطريق واستخدام القوة الناعمة في العلاقات السياسية الدولية.
وقد شهدنا مؤخراً مواقف سياسية صينية إيجابية على مسار تغير خريطة العلاقات الدولية، وتعزيز التعاون والاستقرار الدولي، حين طالبت بكين واشنطن بالانسحاب من سورية معتبرة وجودها غير شرعي، كما تبنت حل الدولتين في فلسطين، ورعت اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران الذي يسمح بتطوير علاقات حسن الجوار ودفعها لتحقيق نجاحات ملموسة.
لطالما كانت منطقتنا الأكثر تقلباً في العالم، خاصة بعد الحرب الإرهابية ضد سورية والأحداث الأخرى التي شهدتها المنطقة منذ 2011، حيث تأثرت البنية الجيو سياسية الأصلية، وفتحت الباب على مصراعيه للصراع والتنافس الدولي نتيجة محاولات الغرب وأميركا اللعب بعداد الأمن والاستقرار، ما أدى إلى توترات في المنطقة والعالم.
لكن مع استمرار تراجع نفوذ الولايات المتحدة؛ ازداد الاستقلال السياسي لدول المنطقة بشكل ملحوظ، وأصبح الانفراج والتنمية موضوعاً جديداً في المنطقة، وقد فتح التعاون الصيني العربي بداية فرص تاريخية جديدة.
وكانت القمة العربية الصينية الأولي خير دليل ومثال على ذلك، فهي القمة الأولى بين القادة العرب والرئيس الصيني شي جين بينغ بعد انتخابه رئيساً للصين، وانتهاء بانعقاد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح، ووصفت وسائل الإعلام الصينية القمة بأنها أكبر عمل سياسي في تاريخ بكين والدول العربية، كما حققت القمة نتائج بارزة وكبيرة، حيث وقّع الرئيس الصيني العديد من اتفاقيات التعاون الثنائية مع قادة البلدان المختلفة في جميع المجالات، وفتحت الآفاق نحو تعاون يساهم في الاستقرار والأمن من خلال إحلال التعاون السياسي والاقتصادي والتنموي بدلاً من النزاع والتنافس والصراع.
وقد أعربت سورية عن ترحيبها بالاتفاق الذي تم برعاية صينية بين البلدين الجارين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما مؤكدة أن هذه الخطوة ستعزز الأمن والاستقرار بالمنطقة.

وقدرت عالياً الجهود المخلصة التي قامت بها القيادة الصينية في هذا المجال، ورأت سورية في بيان خارجيتها أن هذه الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابياً على المصالح المشتركة لشعبي البلدين خاصة ولشعوب المنطقة عامة، متمنية استمرار هذه الجهود لتشمل العلاقات بين دولنا العربية وأصدقائنا لمواجهة التحديات الكبرى التي نواجهها في عالم اليوم.
إن نجاح الرعاية الصينية لاتفاق طهران والرياض، ستكون له نتائج مهمة وملموسة ليس لتحسين علاقات حسن الجوار بين البلدين بل في منطقة الخليج التي ستنعكس إيجاباً على العلاقات الدولية نظراً لأهمية منطقة الخليج في الوطن العربي وإقليمياً وفي العالم، وهذا انتصار للحوار والسلام، ويرسل إشارة واضحة إلى العالم المضطرب الحالي نتيجة الهيمنة المنفردة أميركياً، أنه يتجه نحو إحلال عالم ونظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية، والصين أحد أقطابها الرئيسية، وهذا دليل على انحسار النفوذ الأميركي وتلاشيه لاحقاً وهزيمة لمخططات الهيمنة المنفردة وسقوط مشروعاتها في منطقتنا، بما يعزز الأمن والاستقرار والسلام في ربوع العالم، الذي آن له أن يرتاح من الانفلات الأميركي وتفرده في التحكم بمستقبل العالم.

آخر الأخبار
مباركة الدكتور محمد راتب النابلسي والوفد المرافق له للقائد أحمد الشرع بمناسبة انتصار الثورة السورية معتقل محرر من سجون النظام البائد لـ"الثورة": متطوعو الهلال الأحمر في درعا قدموا لي كل الرعاية الصحية وفد من "إدارة العمليات" يلتقي وجهاء مدينة الشيخ مسكين بدرعا مواطنون لـ"الثورة": الأسعار تنخفض ونأمل بالمزيد على مستوى الكهرباء وبقية الخدمات الوزير أبو زيد من درعا.. إحصاء المخالفات وتوصيف الآبار لمعالجة وضعها أعطال بشبكات كهرباء درعا بسبب زيادة الأحمال جديدة عرطوز تستعيد ملامحها الهادئة بعد قرار إزالة الأكشاك استثماراً للأفق المستجد.. هيئة الإشراف على التأمين تفتح باب ترخيص "وسيط تأمين" جسر جوي _ بري مؤلف من أربعين شاحنة من المملكة العربية السعودية للشعب السوري الشقيق رئيس منظمة الهلال الأحمر لـ "الثورة" المساعدات ستغطي كامل الجغرافيا السورية وسيستفيد منها الجميع وزير العدل يلتقي وفداً من إدارة قضايا الدولة في انتظار وصول طائرتي مساعدات سعوديتين من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إخماد حريق كبير في العصرونية بدمشق القديمة المسيحيون في حلب يحتفلون.. العيد عيدان وزير التربية والتعليم يلتقي وفداً من منظمة CESVI الإيطالية رئيس مجلس الوزراء يناقش أوضاع الجامعات مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تصدر تعميم يتضمن الإجراءات المطلوبة لتأسيس المنظمات غير الحكومية مصدر عسكري: لا صحة لأي نبأ بشأن انسحاب لوحدات قواتنا بريف دمشق في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء.. الجلالي: الحكومة تمتلك الخبرة والقدرة على التعامل مع الأوضاع الطار... "الطيران المدني": مطار دمشق الدولي يعمل بكامل طاقته