ناصر منذر:
منذ نشأته على حساب الأرض والحقوق الفلسطينية التاريخية، لا يزال الكيان الصهيوني يعمل على إشعال الحروب، وزرع الفتن بين دول المنطقة لتبقى متناحرة فيما بينها بما يخدم مشروعه الاحتلالي التوسعي، ويصرف الانتباه عن القضية الفلسطينية باعتبارها محور الصراع في المنطقة، وكذلك لتبرير الجرائم المتواصلة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
خلال السنوات الماضية كان للكيان الإسرائيلي الدور الأساس في تجييش وحشد معظم دول المنطقة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتشكيل حلفٍ معادٍ لها، وتصويرها على أنها العدو الأول لشعوب المنطقة، فيما الحقائق والوقائع تثبت أن الكيان الغاصب هو ألد الأعداء لهذه الشعوب، ويمارس سياسات البلطجة والعدوان لمحاولة تكريس احتلاله وشرعنته، من جهة، ومن جهة أخرى لتنفيذ المخططات الأميركية والغربية المرسومة لدول المنطقة باعتبار هذا الكيان يشكل قاعدة إرهابية متقدمة للغرب، الذي يستثمر كثيراً في جرائم هذا الكيان.
من هنا فإن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، لاقى استياء وغضباً كبيرين من قبل حكام الكيان الصهيوني، وكذلك من قبل الولايات المتحدة، لما يشكل هذا الاتفاق من خطوة كبيرة ستساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، خلافاً للرغبة الصهيونية بجعل هذه المنطقة بؤرة دائمة للتوتر والحروب.
الكيان الصهيوني لم يغب لحظة واحدة عن كل مجريات الحروب التي استهدفت دول المنطقة، فكان شريكاً رئيسياً في التخطيط، وفي المشاركة المباشرة بشن الاعتداءات، سواء في سورية أو العراق أو لبنان أو فلسطين، وهو استثمر كثيراً في الغزو الأميركي للعراق على اعتبار أن تدمير العراق كان يعني بالنسبة للكيان الغاصب خروج دولة عربية كبيرة من دائرة الصراع مع هذا الكيان، وكذلك استثمر كثيراً في ظهور تنظيم داعش الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية سواء في العراق أو سورية، وشكل داعماً أساسياً لتلك التنظيمات، لاسيما في سورية، ولا يزال هذا العدو يشن اعتداءاته الغاشمة على الأراضي السورية لدعم ومؤازرة فلول الإرهابيين، ولمنع سورية من استعادة عافيتها لأنها تشكل العقبة الكداء أمام تنفيذ مشاريعه التقسيمة في المنطقة.
العدو الصهيوني كثف وتيرة اعتداءاته في السنوات الأخيرة على دول محور المقاومة ككل، وهذا يرتبط بطبيعة الأجندات والمشاريع العدوانية المعدة لهذه المرحلة، لمحاولة فرض قواعد اشتباك جديدة تغير من موازين القوى والمعادلات القائمة بعد تقهقر الإرهاب، من أجل إثبات حضوره على مسرح الأحداث الجارية، لمحاولة شرعنة وجوده الاحتلالي أمام المجتمع الدولي، إضافة إلى ذلك إيهام الأميركي بأنه لا يزال قادراً على تقديم خدماته فيما يخص استهداف الدول الرافضة لسياسات الهيمنة الأميركية، وتحويل المنطقة إلى بؤرة دائمة للعنف والفوضى بما يمهد الطريق نحو فرض المشاريع التوسعية التي تستهدفها، لكنه لم يحقق شيئاً من أجنداته السياسية، فسورية لم تخضع للمشيئة الأميركية، وأفشلت بصمودها “صفقة القرن”، وهي أكثر عزماً وتصميماً على استعادة الجولان المحتل، حتى أن التحريض المتواصل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم يدفعها للتنازل قيد أنملة عن حقوقها المشروعة في الملف النووي، وكذلك فإن الجرائم الوحشية التي يرتكبها هذا الكيان بحق الشعب الفلسطيني لم تكسر إرادة الفلسطينيين في الصمود، ولم تثنهم عن التمسك بحقوقهم التاريخية المشروعة، وهم أكثر إصراراً على التمسك بخيار المقاومة حتى تحرير أرضهم واستعادة حقوقهم.