الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في نهاية عام 2022، وقعت 150 دولة و 32 منظمة دولية أكثر من 200 وثيقة تعاون تتعلق بمشاريع البنية التحتية المشتركة مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق (BRI)، فقد أشار تقرير عام 2022 للمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني إلى أنَّ الصين يجب أن تعزز الانفتاح على العالم والتنمية، ويمكن أن يساعد ترسيخ مبادرة الحزام والطريق في إطار متعدد الأطراف الصين على تحقيق هذه الأهداف.
تعد مبادرة الحزام والطريق خطة طموحة من جانب الصين لبناء بنية تحتية عالمية تربطها بالشركاء التجاريين، فمنذ انطلاقتها، كانت هناك ردود فعل متنوعة عليها من المجتمع الدولي، حيث رحبت بعض الدول بفرصة تشكيل طرق تجارية جديدة، بينما وصفتها دول أخرى، ولاسيما الولايات المتحدة بأنها محاولة من الصين لقلب النظام العالمي.
يمكن أن يؤدي التطوير متعدد الأطراف لمبادرة الحزام والطريق إلى زيادة انتشارها العالمي وتمكينها من لعب دور أكبر كمنصة جديدة للحوكمة العالمية، وقد أطلقت الصين آلية تعاون متعددة المستويات ومتنوعة لهذه المبادرة، ودعت الدول للمشاركة في ضمان تنميتها.
سيكون من الصعب للغاية جذب الدعم من بعض اللاعبين الدوليين الرئيسيين في تعزيز وصول مبادرة الحزام والطريق، فالولايات المتحدة وبعض حلفائها سوف يقوِّضون الفرص المتاحة للصين لتوسيع قوتها الاقتصادية والإستراتيجية والجيو سياسية، ومع ذلك، هناك طرق يمكن للصين من خلالها بناء الثقة وربما تأمين المزيد من التعاون متعدد الأطراف.
أولاً، يمكن إنشاء هياكل دولية ومتعددة الأطراف لصنع القرار لتقوية مبادرة الحزام والطريق وإدارة كيفية توفير البنية التحتية، وإذا تمَّ عرض مسؤولية حقيقية على العديد من الدول وقبولها فيما تعتبر مبادرة صينية، فقد يشمل ذلك إنشاء لجنة توجيهية دولية للمبادرة، ويمكن للبلدان المدعوة إرسال ممثلين للمشاركة في اللجنة، ما يساعد على تشكيل نظام جديد للحوكمة العالمية والإقليمية.
يمكن مواءمة هذه اللجنة مع المؤسسات المتعددة الأطراف القائمة للحوكمة العالمية والإقليمية مثل مجموعة العشرين ومنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
كما يمكن للبلدان أن تجتمع بانتظام لمناقشة بنود جدول الأعمال المتعلقة بمبادرة الحزام والطريق وإجراء تبادلات ومشاورات مكثفة، وستعزز الاتفاقات والخطط والآليات والمشاريع المنفذة بشكل مشترك، التنمية التسلسلية في مراحل مختلفة من مشاريع الحزام والطريق.
ثانياً، يمكن لمبادرة الحزام والطريق جذب المنظمات الدولية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة للتواصل والمشاركة في مشاريعها، حيث يمكنها أن تشجع الأمم المتحدة على إنشاء وكالة تعاون لها، ما يتيح المجال كاملاً للتأثير العالمي للأمم المتحدة.
كما يمكن لمشاركة الأمم المتحدة في مبادرة الحزام والطريق إقامة تحالفات مع وكالات منظومة الأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة التجارة العالمية، وفي حين أن دعم الأمم المتحدة سيشجع المشاركين، فمن المرجح أن يكون هذا أمراً صعباً لأنه من المحتمل أن تمنع الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى وكالات الأمم المتحدة من مساعدة مبادرة الحزام والطريق.
ثالثاً، يمكن للصين إشراك المزيد من الدول المتقدمة في تعاون سوق الطرف الثالث لمبادرة الحزام والطريق وتعزيز تعاونها مع الولايات المتحدة وأوروبا في خطط إنشاء البنية التحتية، فقد وقعت الصين اتفاقيات تعاون مع فرنسا واليابان في دول ثالثة، ويمكن توسيع هذه الاتفاقيات لتشمل دولًا متقدمة أخرى.
تؤكد اتفاقات التعاون في السوق مع الأطراف الثالثة على أوجه التكامل التي تشمل القدرة الإنتاجية عالية المستوى للصين، والتكنولوجيا المتقدمة واحتياجات البنية التحتية للبلدان النامية.
رابعاً، يمكن للصين أن تفكر بحذر في الانضمام إلى نادي باريس، وبما أن إنشاء مبادرة الحزام والطريق يتطلب مبالغ ضخمة من الإقراض، لهذا سيتيح نادي باريس التواصل المنتظم بين الدول الدائنة الرئيسة، ويمكن للصين اتباع قواعد إقراض دولية شفافة ومستدامة، وأن تصبح دولة دائنة مسؤولة، حيث ستساعد هذه الخطوة في التخفيف من مخاطر الديون الخارجية للصين وحماية الاستقرار المالي العالمي.
خامساً، يمكن للصين تحديث البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) وتشجيع التعاون بين بنوك التنمية الدولية ومبادرة الحزام والطريق.
إن تحسين وتجديد البنية التحتية التقليدية في البلدان النامية، وبناء البنية التحتية الرقمية وتمكين التحول الأخضر لتحقيق الحياد الكربوني يوفر مجالات تعاون محتملة، كما يمكن أن يعمل البنك الآسيوي للاستثمار مع البنك الدولي وبنوك التنمية القارية الأخرى مثل البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير والبنك الإسلامي للتنمية وبنك التنمية الأفريقي.
المصدر – منتدى شرق آسيا
