الثورة – اللاذقية – ابتسام هيفا:
أربعون يوماً مرت على الزلزال المدمر الذي حصل في السادس من شهر شباط في مدينتي جبلة التي أصبحت خلال دقيقة مدينة منكوبة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. أربعون يوماً كانت فيها حالات الخوف ونوبات الهلع والدوار تلازمنا.
في تلك الليلة استيقظنا في الرابعة والثلث صباحاً نتراكض في منزلنا بالطابق السادس الذي كان يهتز بنا كالأرجوحة، ناهيك عن الطقس الماطر والرياح القوية.. ومع سماع صوت الصفير القوي والمخيف القادم من اتجاه البحر تمسكنا في باب الحديد الخارجي للمنزل ووقعنا أرضاً ونحن نخشى الموت.. كانت المدة أربعين ثانية، لكنها بالنسبة لنا تعادل دهراً.
لن أنسى صورة ابنتي رانيا وريتا وعلامات الذهول على وجوههن وأنا كأم بالنسبة لهن مظلة الحماية والأمان ولكن ليس بوسعي فعل شيء لحمايتهن متمتمة ببعض الكلمات “لا تخفن إن الله معنا”
أربعون يوماً مضت على مغادرتنا لبيتنا الذي كان يشكل الطمأنينة لنا.. غادرناه تاركين خلفنا كل شيء ولا نريد سوى النجاة بأنفسنا.
مرت الأيام على فقد أهل وأحباب فارقناهم في الزلزال بانهيار أبنيتهم.. فتصدعت جدران قلوبنا حزناً عليهم كما تصدعت جدران منازلنا.
مرت ومدينتي جبلة المنكوبة تعطلت فيها الحياة، والكثير من العائلات فقدت منازلها أو أجبرت على إخلائها بفعل التصدعات فلجأت إلى مراكز الإيواء أو في منازل الأقارب في الأرياف والمدن، ومنهم من يقطنون في الخيم معتمدين على تقديم الدعم من خلال توزيع المساعدات، ومنتظرين الفرج لتأمين سكن بديل لمنازلهم المتضررة حتى يعودوا لحياتهم الطبيعية والمستقرة.
أربعون ثانية من عمر الزمن تساوي ما مر علينا خلال أكثر من عشر سنوات حرب، ووباء الكورونا.. ولكن تجربة الزلزال هي أمر وأقسى شيء ممكن أن يمر علينا.. الحمد لله على سلامة أهلنا الناجين وليس بوسعنا سوى قول “قدر الله وما شاء فعل”.