الثورة- ثناء أبو دقن:
شهد العالم في العقود الأخيرة تطوراً هائلاً في الصناعات الغذائية، ما أدى إلى انتشار الأغذية الجاهزة والمصنعة، مثل الشيبس والأندومي والوجبات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات. وقد أصبحت هذه الأطعمة جزءاً أساسياً من النظام الغذائي اليومي لدى كثير من الناس، وخصوصاً الأطفال، لما تتميز به من طعم لذيذ وسهولة في التحضير وسرعة التناول. إلا أن هذا الانتشار المتزايد يثير قلقاً صحياً واجتماعياً كبيراً. ونهدف من خلال هذا التقرير إلى دراسة أسباب انتشار هذه الأطعمة، والتعرف على آثارها الصحية والاجتماعية، مع التركيز على الأطفال.
مفهوم الأغذية الجاهزة والمصنّعة
الأغذية الجاهزة هي تلك التي تُحضر أو تُعالج صناعياً لتكون سهلة وسريعة التناول، مثل الشيبس، والبرغر، و الأندومي واللحوم المجمدة، والمشروبات الغازية، وكل أنواع البسكويت، وغالباً ما تحتوي هذه الأطعمة على مواد حافظة، ونكهات وألوان صناعية، وكمية كبيرة من الملح والسكر والدهون، وتهدف الشركات المنتجة إلى تسهيل حياة المستهلكين وتقديم منتجات جذابة ذات طعم قوي وشكل مغرٍ، إلا أن ذلك يأتي على حساب القيمة الغذائية وجودة المكونات.
في زمن والإيقاع المتسارع في نمط الحياة العصرية مع إنشغال الجميع في العمل والدراسة والأشغال المتفرفة، أصبح الوقت المخصص لإعداد الطعام وتناوله محدوداً جداً.
هذا كان رأي عبد الكريم صاحب منشأة لتصنيع البسكويت المغطس بالشوكولا، ويضيف هذا ماجعل الناس يلجؤون إلى الوجبات الجاهزة كخيار سريع ومناسب، إضافة إلى الإعلانات التجارية الموجهة للجميع، وتركز في حملتها الدعائية على الشباب والأطفال، فهي الجهة المستهدفة لمعظم المعامل والمصانع والشركات، حيث تستغل الشركات المنتجة والمصنّعة الإعلام كوسيلة لجذب الناس عامة و الأطفال بصورة خاصة عبر الألوان الزاهية والشخصيات الكرتونية والهدايا داخل العبوات.
وبالتالي تباع هذه المنتجات في كل مكان تقريباً في الشوارع و المدارس، والمحال التجارية، والمولات وحتى على الإنترنت. وبين عبد الكريم أن طبيعة المواد الغذائية الخام والمعلومات المستخدمة فهي خاضعة لرقابة صحية ولجمعية حماية المستهلك ونتبع في منتجاتنا نظام الأيزو العالمي لمراقبة جودة المنتج.
ملونات مجهولة المصدر
وفي رده على سؤال حول خطورة المواد الملونة أو المنكهة واستخدام شحوم أو ملونات صناعية في المنتجات ضارة على الصحة العامة ؟ بيّن عبد الكريم أن معظم هذه المواد خاضعة للرقابة الصحية، وأي مخالفة تستوجب إغلاق الورشة أو المنشأة، ويستطرد أنه في فترة من الفترات السابقة كان استيراد المواد الملونة عسير جداً، مادفع معظم المصنّعين لجلبها من أي دولة (تهريب) وبدون أن ترافقها شهادة المنشأ، وبدون التدقيق في مكوناتها الملصقة عليها، بينما المفروض أن يكون هناك إلزام لجميع الجهات المصدّرة والشركات المصنعة بوضع معلومات دقيقة و واضحة ومصدّقة من الجهات الحكومية المسؤولة عن هذا الموضوع.
ويعود ويؤكد هذا كان ضمن فترة عسيرة وصعبة مرّت بها معظم المعامل. بينما نفى عبد الكريم احتواء بعض هذه الأطعمة على مكونات تُحفّز مراكز المتعة في الدماغ، مما يؤدي إلى الرغبة في تناولها باستمرار والإدمان الغذائي عليها.
مخاطر حقيقية
في شرح مفصل بينت الدكتورة آية زيتون أخصائية في أمراض الغدد والاستقلاب: أنه وعلى الرغم من انتشار تناول الأطعمة غير الصحية مثل الشيبس والملونات الغذائية هذه الأيام إلا أن الأبحاث الطبية لاتزال قيد التطوير لمعرفة التأثيرات الصحية الضارة لهذه المنتجات. حيث تسبب هذه الأطعمة العديد من المضار مثل، زيادة الوزن والبدانة لارتفاع سعراتها الحرارية واحتوائها على نسبة عالية من الدهون التي تزيد من ارتفاع مستوى الكوليسترول الضار، وارتفاع الضغط الشرياني، وأذية الكلى، وبالتالي زيادة نسبة أمراض القلب والأوعية الدموية، كما يصبح الجسم أقل قدرة على مكافحة العدوى والإنتان، وتأثيراته المُضعفة للجهاز المناعي، أما بالنسبة لتأثيراتها على صحة الجهاز الهضمي فقد ارتبط زيادة تناول الشيبس والملونات الغذائية مع زيادة في حدوث التهاب المعدة، والكولون، وزيادة حدوث حموضة المعدة، والنفخة البطنية.
وتشير الأبحاث الحالية إلى أن تناول الأطعمة المعالجة مثل رقائق الشيبس بانتظام يزيد نسبة حدوث السرطان بسبب احتوائها على مادة أكريلاميد التي تتشكل خلال الطهي تحت درجات حرارة عالية وقد وأثبت دوره المسرطن على الحيوانات، وبالتالي عدم كفاية الاختبارات المُجرى عليها، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض صبغات الطعام الصنعية التي حُظر استخدام العديد منها.
وذكرت أما عند الأطفال فهي تشكل خطراً حقيقياً على صحتهم، فقد ربطت الدراسات أن تناول الملونات الغذائية يزيد نسبة حدوث فرط النشاط والهُياج والاضطرابات العصبية السلوكية والأرق وتقلب المزاج، فهي غالباً تحتوي على كميات عالية من الدهون المشبعة والسكريات والأملاح، مع قلة في الفيتامينات والألياف.
يؤدي الإفراط في تناولها إلى السمنة المبكرة، ومشكلات في الجهاز الهضمي، وتسوس الأسنان، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على التركيز والنشاط الذهني وحدوث فقر دم وبلوغ مبكر.
وأشارت الدكتورة زيتون أنه من خلال الممارسة السريرية لاحظنا زيادة نسبة حدوث الكثير من المشاكل والأمراض عند الأفراد الذين يتناولون بكثرة الأطعمة غير الصحية مثل الطعام الجاهز fast food والشيبس والأغذية الحاوية على ملونات صنعية، مثل: شيوع البدانة والبدانة الشديدة بالإضافة لضعف في التركيز ومشاكل في الذاكرة، كما لوحظ زيادة في شيوع فقر الدم بكثرة خاصة عند الأطفال والنساء حيث لاحظنا عند الأطفال في الآونة الأخيرة ممن يعتمد نظامهم الغذائي على نمط غير صحي شيوع سوء التغذية ما ينعكس سلباً على النمو، وبالتالي شيوع قصر القامة والبلوغ المبكر خاصة عند الإناث.
وبينت أن انتشار الأغذية الجاهزة والمصنعة يمثل تحدياً صحياً عالمياً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين هم عماد المستقبل، فالطعام ليس مجرد وسيلة للشبع، بل هو عنصر أساسي في بناء الجسد والعقل.
ومن هنا تأتي أهمية الوعي والتربية الغذائية منذ الصغر، لتحقيق توازن بين متطلبات الحياة السريعة والمحافظة على صحة الأجيال القادمة.