الثورة- علا علي محمد:
يعد الزواج الناجح من مقومات تماسك المجتمع فهو يوفر الدعم العاطفي والاستقرار النفسي للأفراد، حيث إنه يجعل الحياة ذات معنى أكبر إذ يبدأ الإنسان بعد الإقدام على خطوة الزواج برفع مستوى الأهداف في حياته لتصبح أعلى وأهم، فينتقل إلى مرحلة أخرى يصنع فيها أسرة تضع أهدافها هي الأخرى، فيسمو بها الشخص مع باقي عائلته حتى يتم تحقيق أهداف كل فرد فيها وهذا بدوره يعطي الإنسان إحساساً بالرضى التام، ومع ذلك وبسبب جملة من العوامل نجد الشباب السوري في المرحلة الراهنة يقفون عاجزين عن الزواج لعوامل متعددة، أو هاربين منه ورافضين له.
في لقاء لـ”الثورة” بينت د.هناء برقاوي- جامعة دمشق- قسم علم الإجتماع، أن أسباب عزوف الشباب عن الزواج يعود إلى عدة عوامل، أهمها: العوامل الاقتصادية كارتفاع تكاليف الزواج وغلاء المعيشة وصعوبة تأمين السكن، مضافا إليها الأسباب النفسية مثل الخوف من المسؤولية وفقدان الحرية، ناهيك عن الأسباب الاجتماعية، مثل: ارتفاع سقف التوقعات وإقبال الشباب على التعليم العالي وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وبالنسبة للأسباب الاقتصادية أوضحت الدكتورة البرقاوي أن ارتفاع التكاليف ومنها طلبات أهل الفتاة من الشاب وأهله مهوراً عالية تصل لرفض تسجيل المهر بالليرة السورية وإنما بالذهب بحجة الحفاظ على مستقبل الفتاة يؤدي إلى غلاء المهور وبالتالي تراجع الشباب عن فكرة الزواج ويضاف إلى غلاء المهور ارتفاع تكاليف حفلات الزفاف، وارتفاع تكاليف تأسيس المنزل من فرش كامل، كما أشارت إلى أن انتشار البطالة في صفوف الشباب وضعف الدخل يساهمان في عزوف الشباب عن الزواج.
ونوهت إلى أن ارتفاع غلاء المعيشة مقارنة بالدخل غير المستقر يجعل تكاليف المعيشة مرتفعة جداً، كما ويجعل تأمين الحياة المستقرة أمراً صعباً ما يدفع الشباب للعزوف أو تأجيل الزواج لتحقيق مستوى أفضل.
وفيما يخص الأسباب النفسية نوهت البرقاوي إلى تخوف الشباب من تحمل المسؤولية تجاه الزوجة والأطفال، أو تخوف الشاب من تمسك الزوجة به ومنعه من العيش بحريته كما كان سابقاً.
وبينت أن الزواج يفرض عليه التزامات وقيوداً يخشى ألا يستطيع الوفاء بها.
وأشارت إلى أن ارتفاع سقف طموحات الشباب قد يبعدهم عن فكرة الزواج، خاصة عندما تتناقض هذه الطموحات مع الظروف الحالية أو عند الخوف من أن يعيق الزواج تحقيقها.
على سبيل المثال عندما يسعى الشاب أو الشابة لتحقيق طموحاتهم المهنية، مثل ارتفاع مستوى التعليم لما بعد الجامعة، والرغبة في الوصول الى منصب وظيفي عالٍ سيؤثر ذلك على رغبتهم في الزواج، كما أكدت أن ضعف المردود الاقتصادي له الدور الأكبر في العزوف عن الزواج، فعلى سبيل المثال صعوبة توفير متطلبات الزواج من مهر وسكن ملك أو صعوبة في إيجاد منزل للإيجار وتكاليف الزواج، بالتوازي مع رغبة الشاب في تحقيق مستوى معين من النجاح، تُعد من الأسباب الرئيسية المؤثرة في اتخاذ خطوة الزواج.
اختيار الشريك
أما بالنسبة لأسس اختيار الشريك أكدت (البرقاوي) أنها تغيرت عن السابق وخاصة أنها تتطلب جملة من المعايير، أولها الرغبة العاطفية بين الشريكين بالإضافة إلى التوافق الاجتماعي والاقتصادي وحتى النفسي، وامتلاك مهارات القدرة على التواصل وحل المشكلات، والاحترام المتبادل بينهما والنضج والمسؤولية، بالإضافة لأرضية مادية تسهل الحياة الزوجية أو ما ندعوه بالاستقرار المالي، ودعم العائلة والأصدقاء.
وبما يخص الحلول المقترحة لتشجيع الشباب على الزواج لفتت أستاذة علم الاجتماع إلى جملة من الإجراءات، أهمها:
توفير فرص عمل لائقة للشباب تسهل عليهم تحمل أعباء الحياة الزوجية، ضرورة تثقيف الأهل بشأن المهور وتكاليف الحفلات المرتفعة والتي تؤثر سلباً في الحياة الزوجية بعد الزواج وتسهل عليهم الزواج، توفير مساكن شعبية بايجارات رخيصة للشباب للمقبلين على الزواج بأسعار رمزية لمدة خمس سنوات على الأقل مع تشجيع الشباب على البحث عن بيوت للفترة اللاحقة لسنوات الزواج الأولى، كذلك توعية الأهل حول التخلي عن طلب مهور مرتفعة تخيف الشباب وترهق كاهلهم، إضافة إلى تثقيف الفتيات وتوعيتهم حول مساوئ الحفلات الباهظة والابتعاد عن مظاهر الترف والبذخ والتقليد الأعمى.