أصبح من النادر، متابعة برنامج تلفزيوني كامل على المحطات الفضائية، مهما كانت قيمته، غالبيتنا بات يكتفي بتلك المشاهد المتناثرة على مواقع التواصل، والتي تقطع البرنامج إلى فقرات لا تتجاوز الدقائق القليلة.
بالطبع المواقع التي تعرض الفيديوهات القصيرة، تفهم مزاجية وذائقة المتلقي المتغيرة، بعد كل هذه السنوات من الضخ التكنولوجي، ولكن الغريب في تلك المشاهد التلفزيونية أنها تتلاءم مع مشاهد أعدت خصيصاً للمواقع من قبل من يطلق عليهم (يوتيوبر أو بلوغر أو…) هي مشاهد سطحية مفرغة من أي معنى كتلك التي تعلم المرأة كيف تتلقف عريساً بسذاجة، وحين تتلقفه كيف تتعاطى معه، ولا يتم الاكتفاء بحياة ما قبل الزواج.
بل إننا ومنذ عدة سنوات بدأنا نلاحظ الكثير من الأزواج الواقعيين يقدمون محتوى قوامه التضليل، والاستهتار إلى أبعد حد بالحياة الزوجية وقيمها الحقيقية.
من تعايش مع تجارب حياتية لها معنى واستعان بالكتب لتثقيف ذاته، يمكنه أن يكتشف تضليل هذه الفيديوهات، لكن الأجيال الصغيرة، التي تحاصرها تلك المشاهد، ألا تتربى على فكر لا يقيم وزناً لكل ما هو جوهري وحقيقي في الحياة، ومن ثم ألا تنسحب هذه التربية للتعاطي مع مختلف شؤون الحياة، لتغيب الجدية، وأرداه البناء التي تحتاجها مجتمعات خارجة للتو من عنق أزمات تحاصرنا كيفما اتجهنا.
إذا كانت تلك المشاهد تناسب تلك البيئات المنفلتة من أزمات الحياة خاصة الاقتصادية، وتروج لها باقتدار لأنها تعينها على ترسيخ وعي وذهنية تتبناها حتى في المحطات الكبرى التي تمتلكها، إلا أن امتداداً للذهنية ذاتها إلى مواقع التواصل، يعيق أي محاولة للنجاة من كل هذا التسطيح وتغييب الوعي.