بكلّ تأكيد أجبر الغلاء المتصاعد معظمنا على التخلي عما يعرف بـ ” المونة ” التي ظلت لسنوات طويلة ماضية تعيننا استهلاكياً خلال مواسم شهر رمضان المبارك ،لكن على ما يبدو أن رمضان هذا العام جاء أكثر قسوة علينا ،فالأسواق خلاله تتمرد على كلّ المعادلات الاقتصادية المألوفة ،رغم تراجع الشراء والعرض الزائد، إلا أن الأسعار لم تنكسر ،بل على العكس نراها ترتفع على نحو يومي .
غلاء الأسعار وغياب الرقابة وجمود الأسواق ،ثلاثية تحكم أسواقنا ،خاصة بعد تخلي التجارة الداخلية في التدخل في السوق وعرض سلع منافسة بالسعر ،لتكتفي بدور الناصح لنا .
نعود لنقول تشهد أسواقنا ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع والمواد الغذائية، وذلك قبل حلول الشهر الفضيل، لتضيف حالة الغلاء هذه تحديات جديدة علينا ،ففي أسواق دمشق وكافة المحافظات ،تسجل الأسعار ارتفاعات شبه متواصلة ،وبلغ الارتفاع ذروته في اللحوم الحمراء والبيضاء والخضار والفواكه على سبيل المثال لا الحصر ،حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى ما يزيد عن 80 ألف ليرة على الرغم من ضعف الإقبال وانخفاض الطلب على اللحوم .
وبحسب التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن الأسعار ارتفعت لتصل إلى حدود 56%، وتعزو هذا الارتفاع إلى عدم وجود توريدات نتيجة الحصار المفروض ،إضافة إلى زيادة كلف الإنتاج ،وبطبيعة الحال التجارة الداخلية تؤكد أن الأسعار في صالاتها أقل مما هو في السوق .
بكلّ الأحوال ما نعيشه من ارتفاع جنوني في الأسعار قد بدل أحوالنا كثيراً، كون هذا الارتفاع يقابله تدن في الدخل، وتشتته على الكثير من المصاريف الإضافية، بالنسبة لمعظمنا مثل دفع إيجار البيت، وقضايا أخرى كثيرة قد أبعدت من سلم أولوياتنا، ونعتقد جازمين أن مسؤولية ارتفاع الأسعار لا تقع على الصناعيين أو التجار وحدهم رغم تأكيد أن هناك جشعاً واستغلالاً من قبلهم، أيضاً التجارة الداخلية وحماية المستهلك تقع عليها مسؤوليات كبيرة وكبيرة جداً لأنها لم تلجم بعض التجار والصناعيين الذين يتحكمون في الأسواق.