الثورة – ناصر منذر:
حتى الآن لم تتوقف الدول الأوروبية – مدفوعة بتحريض أميركي – عن إرسال المزيد من الأسلحة الفتاكة والمتطورة إلى أوكرانيا، بهدف إطالة أمد الحرب لمحاولة إضعاف روسيا، واستنزاف قدراتها، وتحصيل تنازلات كبيرة من الجانب الروسي في الكثير من القضايا والملفات الدولية، بما يخدم سياسة الهيمنة الغربية، ولكن النتائح على الأرض تخالف تماما توقعات تلك الدول، وأهداف الولايات المتحدة الساعية لإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، تضمن لها إزاحة دورها الفاعل عن المشهد الدولي.
وقد اعترف رئيس هيئة الأركان المشتركة للبنتاغون مارك ميلي، في مقابلة مع موقع Defense One بأن القوات الأوكرانية لن تكون قادرة على استعادة الأراضي بالكامل من روسيا. ولكن “الناتو” الذي يعتبر انتصار روسيا في أوكرانيا، هزيمة مدوية للحلف، لا يمكن السماح بها، مصمم على ضخ المزيد من الأسلحة، حتى لو أدى ذلك إلى نفاد مخزون الأسلحة لدى الدول الغربية، الأمر الذي يثبت مجددا مساعي هذا الحلف لمواصلة زعزعة الاستقرار والأمن الدوليين، بغض النظر عن النتائج والتداعيات الكارثية.
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، أكد في هذا السياق بأن دول حلف الناتو تخطط لإمداد القوات الأوكرانية، بـ 6 كتائب من الدبابات الألمانية طراز Leopard و Leopard 2.
وبحسب صحيفة Die Welt الألمانية، نقلا عن بيستوريوس، فإن الحديث يدور عن تسليم أوكرانيا 160 دبابة، منها كتيبتان من دبابات Leopard، و4 كتائب من دبابات Leopard 2.
ورغم ذلك اعترف بيستوريوس بأنه لن يكون من الممكن الآن إمداد أوكرانيا بالمزيد من المعدات، لأن موارد دول الحلف محدودة.
وأكد بيستوريوس أيضا أنه لا يمكن سد فجوات التسليح في جيش بلاده بحلول العام 2030، لافتا إلى أن مخزون الأسلحة أصبح محدودا.
وقال بيستوريوس للصحيفة، ردا على فجوة التسليح في أعقاب تصدير الأسلحة إلى أوكرانيا، إنه “نعلم جميعا أنه لا يمكن سد الفجوات الحالية بالكامل بحلول عام 2030.. سيستغرق الأمر سنوات. الجميع على علم بذلك”. وأضاف أنه “في الواقع، ومثل الدول الأخرى، لدينا مخزون محدود”.
مجلة “شبيغل” الألمانية ذكرت في وقت سابق أيضا أن وزارة المالية الألمانية تعتزم الحصول على موافقة البوندستاغ على زيادة في حصة الميزانية التي يتم من خلالها تمويل مساعدات لكييف من 2.2 مليار إلى 5.4 مليار يورو هذا العام، حيث تتكبد أوكرانيا خسائر فادحة في المعدات العسكرية.
وفي بولندا، قال رئيس وزرائها، ماتيوش مورافيتسكي، إن أوكرانيا ستشتري 100 ناقلة جند مصفحة من طراز Rosomak البولندية بتمويل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وأضاف رئيس الوزراء البولندي: “تلقيت أمس طلبا من رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميجال لشراء 100 روسوماكس، يتم إنتاجها هنا”.
ووفقا لمورافيتسكي، “سيتم دفع ثمن روسوماكس” من الأموال الأوروبية المخصصة، وكذلك من الأموال الأمريكية التي تتلقاها أوكرانيا”.
أما في أوكرانيا، فقد أكد نائب وزير خارجيتها، وسفيرها السابق في برلين، أندريه ميلنيك، إن أوكرانيا لن تكون قادرة على تحقيق ميزة حاسمة لفترة طويلة قادمة، بسبب النقص في الأسلحة والخسائر الفادحة.
ونقلت وكالة تاس عن ميلنيك، قوله يوم أمس الجمعة، في مؤتمر نظمته صحيفة Frankfurter Allgemeine” Zeitung”، متصلا عبر رابط الفيديو، أن “الأسلحة التي حصلت عليها كييف من قبل الدول الغربية ليست كافية لشن هجوم مضاد أو الاستفادة منها”.
وأضاف: “لا نريد شن هجوم مضاد فاشل”، وأشار إلى أن كييف تمتلك حاليا ما يقرب من “50-60 دبابة غربية” تحت تصرفها، “ومع ذلك، يمكن لروسيا، سواء الآن أو في الماضي، إنتاج أو جلب ما يصل إلى 10 دبابات من الاستعداد القتالي يوميا، وهذا يعني أنه لفترة طويلة سنظل غير قادرين على تحقيق ميزة حاسمة”.
من هنا، ونظراً للخطوات الغربية المتسارعة لجهة إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، يمكن التكهن بأن الدول الأوروبية وحدها من سيدفع ثمن السياسة الأميركية، حيث وضعت واشنطن، – باعتبارها تقود “الناتو”- الأمن الأوروبي برمته على المحك، مقابل حماية أمنها بأي تصادم محتمل مع روسيا، وبالتالي فإن عملية استنزاف قدرات روسيا وأوروبا، وإنهاكهما كلتيهما هو مصلحة أميركية. فهل تعي الدول الأوروبية ذلك؟.
السابق