أخبار كثيرة تنشر في وسائل الإعلام، وتتحدث عن حجم الفساد في بعض المؤسسات، والتي كشفت الكثير من التراخي والإهمال المقصود لإثراء البعض، أو على الأقل عدم المبالاة والتقاعس عن الواجبات التي تقع على عاتقهم.
فهل مثلاً تأخر استلام أسطوانة الغاز لأكثر من ثلاثة أشهر يعفي المعنيين من المسؤولية في الوقت الذي يجدها المواطن بسرعة البرق في السوق السوداء، وتمتلئ الطرقات بآلاف الأسطوانات الجاهزة للاستبدال، وفي الوقت الذي تتذرع فيه المؤسسة المعنية بندرة المادة لديها.
والمفارقة هنا أن الأمر وصل إلى الإعلان عن توافرها بأسعار مضاعفة عن سعرها عدة مرات عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ولعل رواية بعض المعنيين عن أن من تسلم أسطوانته ربما يكون قد باعها بشكل حر غير مقنعة ألبتة، لأن وجود هؤلاء (إن افترضنا وجودهم) محدود جداً، كما أن الجميع لم يصل دوره إلا بعد ثلاثة أشهر وربما أكثر، وهم بحاجتها.. إذاً المادة غير متوافرة بالطريق الرسمي، فكيف وصلت إلى السوق السوداء؟
ولا تشذ عن هذه القاعدة المشتقات الأخرى كالمازوت والبنزين وسواهما، وكلها موجودة في السوق السوداء وبالكميات التي يرغب فيها المواطن، ما يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة ليس أقلها: كيف تتوافر المادة هناك، ونفتقدها هنا؟ وأين دور الضابطات العدلية لمعرفة مصدر المواد الموجودة في الشارع؟ وهنا لا بد لنا من القول: إن الجهات الرقابية قادرة ولا شك على دراسة المتوافر من المستندات وبالتالي تتبع سلسلة الفساد للوصول إلى نتيجة تكون منطقية في هذا الإطار.
ولا بد بالتالي من كشف ما يحدث من خلل، وإن وجد موظف أو مدير ما قد ساهم بهذا الخطأ يجب محاسبته، لأننا أحوج ما نكون فيه إلى كل ذرة وكل قطرة من الموارد المتوافرة، وإلى كل كفاءة تسهم بالبناء وليس البحث عن المصالح الشخصية.
السابق