الملحق الثقافي:
يتضمن الكتاب الجديد للأديب والباحث محمد قجة الذي يحمل عنوان حلب في كتاباتي وقصائدي كتاب منهجي أغلب التحولات الثقافية والاجتماعية التي شهدها وعرفها في مدينة حلب، إضافة إلى ما كتبه عنها من قصائد وما كتبه الشعراء الذين عاشوا فيها خلال التاريخ.
في الكتاب يصل قجة إلى آلاف السنين في مدينة حلب منذ أن استولى عليها الأكاديون وحاولوا تخريبها إلى أن نهضت من تحت الأنقاض، وازدهرت وأصبحت عاصمة الدولة العمورية، وقامت بعلاقات مزدهرة مع الممالك والدول الأخرى، وما مر فيها من تحولات على يد الآشوريين والكلدانيين والروم والبيزنطيين وصولاً إلى الفتح العربي الإسلامي، حيث يشير الباحث إلى ما اشتهرت به حلب من أعمال تجارية وعلمية وتاريخية وحضارية واقتصادية.
ويوضح الكاتب دور حلب الفكري والثقافي وما قدمه من خلالها كثير من الفلاسفة والأدباء والباحثين كالفارابي والأصفهاني والمتنبي وأبي فراس الحمداني والسهر وردي والكواكبي وخير الدين الأسدي وعمر أبو ريشة وغيرهم من أقطاب الثقافة بأنواعها.
ويتدرج في وصف حلب عبر التاريخ ووصف عاداتها وطقوسها والوسائل التجارية التي استخدمتها والحياة الأدبية لكل كاتب عاش فيها والوسائل والطرق التجارية التي كانت فيها والتراث العريق والأبنية وما كتب والموشحات الأندلسية والموشحات الحلبية التي عايشتها حلب، إضافة إلى العمران والتطور الهندسي والبنائي.
كما لفت قجة في كتابه إلى الثورات والمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي والعثماني، ومن عاش في حلب من الثوار أو مر بها، وكيفية تعامل حلب مع الفن والأدب والموسيقا.
كما يشمل الكتاب مجموعة من القصائد الشعرية التي كتبها الشاعر قجة إلى مدينة حلب بأسلوب عاطفي ونغم موسيقي وجداني، اعتمد فيها على صدق العاطفة وانتقاء البحور والقوافي وحروف الروي المناسبة كقوله:
أهواك يا حلب الشهباء فاقتربي
وعانقيني لأرقى فيك للشعب
يا درة في ضلوع الصخر طالعة
يعنو لك الصخر في عجب وفي عجب
شهباء يا مولد التاريخ منتشياً
بما منحت هوا في سائر الحقب.
ويبين الكتاب الصادر عن دار الحوار في اللاذقية بالتعاون مع شركة رحى للمدن القديمة والذي يقع 1195 صفحة من القطع الكبير أهمية موقع حلب الاستراتيجي والتي تتوسط المسافة بين نهر الفرات شرقاً والبحر المتوسط غرباً والأناضول شمالاً وشبه الجزيرة العربية جنوباً ودورها المحوري على طريق الحرير الدولي خلال آلاف السنين.
يذكر أن الشاعر الباحث محمد قجة رئيس مجلس إدارة جمعية العاديات وما صدرعنها من صحف ومجلات، ومكتشف بيت الشاعر المتنبي في حلب والأمين العام لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، ونال جائزة الدولة التقديرية في مجال النقد والدراسات والترجمة، وله كثير من المؤلفات منها محطات أندلسية وحلب في نصف قرن ودمشق في عيون الشعراء وشرح ديوان ابن عربي وأعلام معاصرون، ومؤلفات مشتركة كثيرة أيضاً وغير ذلك.
العدد 1139 – 4-4-2023