سابقة أن تكون أسعار بعض السلع المنتجة محلياً أكثر من مثيلاتها المستوردة، فأسواقنا باتت مسرحاً لمفارقات لم نكن نتخيلها يوماً..
تكاليف النقل كانت وما زالت دوماً الذريعة لارتفاع الأسعار، النقل داخل البلد، لكن السلع المنقولة من الخارج فلا يدخل في أسعارها مثل هذا الاعتبار أو الذريعة، وهذا ما يدفع إلى الشك والريبة بكافة المزاعم التي يسوقها تجارنا وتصدقها الجهات الرقابية بل وترددها بالنبرة ذاتها..!!
لدينا برامج حكومية لإحلال بدائل محلية للسلع المستوردة، كما تركز سياسات التجارة الخارجية على حماية المنتج المحلي عبر منع الاستيراد، ولدى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية “دليل المستوردات” من جملة أهدافه حماية المنتج المحلي… لكن من يحمي المستهلك المحلي.. وكيف تتم الموازنة بين مصلحة المنتج والمستهلك معاً أي في آن واحد..وفي حال تعذرت الموازنة مصلحة أي الطرفين ستكون أولوية؟؟.
في أسواقنا سلع بعضها من النوع الذي نسميه سلعاً معمّرة يزيد سعر المصنّع محلياً منها حوالي ٣ أضعاف المستورد، طبعاً وهي صناعة محمية عبر منع الاستيراد، وللعلم أكثر مدخلاتها مستوردة بالكامل، لأن القيمة المضافة عليها هي التركيب ولا يوجد مدخل محلي فيها سوى الكرتونة وأغلفة الحماية الداخلية، فمن نحمي في مثل هذه الحالة وما هي دواعي الحماية، ولم نوفر قطعاً أجنبياً بما أننا نستورد المدخلات بالقطع، ولا عمالة نشغلها لأن العمال عبارة عن بضعة فنيي تركيب، وخرجنا بمنتج باهظ الثمن يدفعه المستهلك دون أن يكون لديه خيارات أخرى.. وهذه الحالة نراها في الصناعات الهندسية والكيميائية والنسيجية، واللافت أكثر أن من يصنّع يحصل على دعم حكومي من صناديق مخصصة للدعم، كل هذه الميزات تذهب إلى جيوب المنتجين على حساب المستهلك.
نحن بحاجة إلى إعادة النظر بقوائم الحماية التي وضعناها لصالح الصناعة الوطنية، نأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك والمنتج معاً..
خصوصاً وأننا ندعو الآخرين لشراكات إنتاجية وتجارية، لا يمكن معها أن نبقي على سياسات الحماية غير المدروسة..
كما أننا بمثل هذه السياسات نشجع التهريب ولا نكافحة، بما أن المهربين يستقدمون سلعاً بجودة أعلى وسعر أقل، ولكم أن تخمنوا ماذا سيختار المستهلك..؟!
نهى علي