الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
يُظهر لقاء السعودية وإيران مرة أخرى في بكين أن الصين هي من صنع السلام، وأن سياسات الصين تتماشى بشكل أكبر مع مصالح دول الشرق الأوسط، فقد التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود في بكين في 6 نيسان الجاري، ويمثل هذا الاجتماع أول اجتماع رسمي بين كبار الدبلوماسيين في البلدين منذ أكثر من سبع سنوات.
يعد قرار البلدين إجراء محادثات في بكين مرة أخرى استمراراً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في بكين في 10 آذار الفائت لإعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات، وهذه إشارة إيجابية على أن البلدين يتجهان نحو مزيد من المصالحة للعلاقة التي كسرت الجليد بالفعل.
قال ليو تشونغ مين، الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، لصحيفة غلوبال تايمز: إن الاجتماع في بكين يرسل أيضاً إشارة إلى أن الصين ستستمر في لعب دور محوري في تعزيز السلام في الشرق الأوسط في المستقبل. إن بناء الثقة بين السعودية وإيران لن يحدث بين عشية وضحاها، في هذه العملية، قد تحتاج الصين، كطرف ثالث يمكن أن يساهم بشكل كبير في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلى الاستمرار في لعب دور الوسيط.
وقال أيضاً: إن المملكة العربية السعودية وإيران على استعداد للثقة بالصين في المقام الأول بسبب الصورة الإيجابية لها في المجتمع الدولي، بما في ذلك في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، فسياسات الصين أكثر انسجاماً مع مصالح دول الشرق الأوسط، في حين تميل الولايات المتحدة إلى الأحادية والهيمنة، وفرض قيمها الخاصة على المنطقة.
تدرك كل من المملكة العربية السعودية وإيران، من خلال ارتباطهما طويل الأمد مع الولايات المتحدة، أن واشنطن لا يمكن الاعتماد عليها، فواشنطن تجيد استخدام النزاعات والخلافات في الشرق الأوسط، لاسيما الخلاف بين السعودية وإيران، لإحداث فوضى إقليمية وإبراز نفوذها في المنطقة.
ومن هنا، فإن إثارة المشاكل الأمريكية وإحداث الصراعات وإلحاق الضرر التاريخي بالعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران تجعل من المستحيل على البلدين الوثوق بالولايات المتحدة، وبالمقارنة، تتبنى سياسات الصين الخارجية تجاه الرياض وطهران والشرق الأوسط ككل موقفاً عادلاً وموضوعياً وتسعى دائماً لتخفيف الخلافات وتعزيز المصالحة بين دول المنطقة.
إن الصين مستعدة للعمل كمنسق في حل النزاعات في الشرق الأوسط، نظراً لموقفها المتوازن والعادل والموضوعي، فضلاً عن أن ارتباطها السابق بالمملكة العربية السعودية وإيران، قد خلق ثقة عميقة بين الصين والبلدين، على عكس الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع القضايا ذات الصلة.
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تغيرات بهدوء، حيث تزداد استقلالية المملكة العربية السعودية بشكل أكبر، وهي تتبنى استراتيجية اقتصادية دون الاعتماد على الولايات المتحدة، كما أنها لم تعد مطيعة سياسياً للولايات المتحدة.
بطبيعة الحال، تزيد السعودية الآن استثماراتها في الصين، وتسعى إلى وساطتها في العلاقات السعودية – الإيرانية، وقد أعلنت منظمة أوبك مؤخراً عن تخفيضات مفاجئة في إنتاج النفط، وهو ما يتعارض مع ما تتوقعه الولايات المتحدة.
إن مزاج الاستياء تجاه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منتشر، ليس فقط في المملكة العربية السعودية، حيث يُنظر إلى تدخل الولايات المتحدة في المنطقة على أنه مدفوع في المقام الأول بالرغبة في الاستيلاء على موارد النفط.
بالنسبة للولايات المتحدة، يجب أن يتم تأطير من يجب أن تتحالف معه ومن يجب أن تنفر عنه من خلال المصالح الإستراتيجية المحددة للولايات المتحدة بدلاً من المصالح الخاصة، وهو أمر واضح للجميع، ولا أحد يريد أن يكون بيدق الولايات المتحدة إلى الأبد.
أثارت محاولات الولايات المتحدة للسيطرة على مشهد الطاقة العالمي، خاصة على خلفية الصراع الروسي – الأوكراني، غضب العديد من البلدان، حيث تطالب واشنطن باستمرار بعض دول الشرق الأوسط بالتضحية بمصالحها للضغط على روسيا.
علاوة على ذلك، تريد واشنطن تحويل المنطقة إلى ساحة معركة للمنافسة الجيوسياسية بين القوى العظمى، والتي تقاومها معظم دول الشرق الأوسط، فواشنطن لا تزال تعيش في ظل وهم الهيمنة والحتمية الأمريكية، ومع ذلك، كما يعلم الجميع، فإن العالم قد تقدم.
المصدر – غلوبال تايمز