علا مفيد محمد
لغة السب والشتم لم تكن غائبة عن مظاهر المجتمع فقد لحقت بغيرها من الظواهر الأخرى المنتشرة، والتي أرهقت ذائقة الناس اليوم ووجب الوقوف عندها.
ولانبالغ إذا قلنا بأن هذا اللون الذي يمارس في الشوارع والطرقات وحتى في أماكن متعددة من قبل البعض ممن يتفوهون به على مسامع الجميع من دون رادع أو خوف يزداد من وقت لآخر، ما جعله أمراً خطيراً، لأن من نتائجه أن ألِف الكثيرون هذه الممارسات والسلوكيات، وتحولت تالياً إلى أمر عادي مع مرور الزمن.
ولم يتوقف الأمر أيضاً على ما يتم تداوله من مقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما في السنوات الأخيرة وحتى اللحظة، ما يعكس المكانة المتدنية للحياء العام الذي تخلى عنه البعض وبتنا نسمعه باستمرار في أماكن مختلفة ولأعمار متفاوتة لكلا الجنسين ذكوراً وإناثاً، حيث لم يعد البعض من الشباب المراهق يأبهون لموضوع التربية والأخلاق الذين يتناقلون أراذل الكلمات والألقاب أمام النساء والأطفال والفتيات.
في هذا الصدد أشارت المرشدة التربوية لينا حازم إلى أن المراهقين يتداولون شتائم وألفاظاً يعدونها ليست مؤذية بل أنها أمر عادي بين الأصدقاء «من وجهة نظرهم»، وأنها تندرج في خانة المزاح، وليس القصد منها إهانة الطرف الآخر، إلا أنه لا يمكنهم وغير مسموح لهم بالتلفظ بها أمام الوالدين أو على مسمعنا في المدرسة، و في حال حدث ذلك وتمت الشكوى يكون العقاب بانتظار الطالب وقد يتطلب منا استدعاء أولياء الأمر فالمسألة قائمة على التربية قبل التعليم.
وأضافت: أنه في السابق كان الشخص الذي يشتم يصطدم برد فعل قوي من المجتمع وكان هناك رفض واستنكار لما يقوله لكن اليوم أصبح رد الفعل هذا أقل لأن كل فرد أصبح يتحاشى أن يتدخل في شؤون الآخرين خاصةً إذا حدث ذلك في مكانٍ عام.
وأكدت على ضرورة توفر ضبط داخلي أي مفهوم العيب الذي يتعلق بالأخلاق وقيم الدين والتربية إضافة إلى عقاب المجتمع لمن يستخدم هذه الألفاظ عقوبة قانونية أو معنوية.
ومن هنا نتطرق إلى أن قانون العقوبات السوري عالج موضوع السب والشتم والتحقير بشكل عام على اعتبار أن حق الإنسان في شرفه وكرامته من الحقوق اللصيقة بالشخصية القانونية، أياً كانت المكانة الاجتماعية التي يحتلها الإنسان في المجتمع.
فشرف الإنسان واعتباره قيمة اجتماعية لا تقل أهمية عن تلك التي تتعلق بحقه في الحياة وفي سلامة بدنه وأمواله لذلك كانت جديرة بالحماية القانونية، وهذا ما أشارت إليه المحامية حسناء المنجد للثورة وأوضحت أكثر بأن السب بصورة علنية أو ما يُعرف قانونياً بالقدح هو إهانة يوجهها شخص لآخر بقصد الحط من قدره أمام الناس باستخدام تعابير تنم عن الاحتقار و ألفاظ تجرح الكرامة.
أما الذم هو توجيه تهمة لشخص تمس بشخصه وشرفه بتحديد واقعة معينة كالاتهام الباطل بالسرقة.
وبرأيها أن ردع هذه الجرائم من شأنه أن يحقق مصالح عامة تتمثل بحق المجتمع في القضاء على الرذيلة وتحقيق الأمن ونشر الأخلاق كما تحقق مصالح خاصة بقصاص الإنسان من الجاني ورد اعتباره.
على هذا فقد نصت المادة (375_376) من قانون العقوبات السوري على فرض عقوبة الحبس من 10 أيام حتى 3 أشهر أو غرامة مادية أو الاثنين معاً حسب تقدير الحالة.
فما على الشخص سوى الادعاء للنيابة العامة بشكل مباشر، ويتخذ صفة المدعي الشخصي لأنها تخص اعتبار الشخص نفسه، شرطاً أن يكون مستنداً على حدث علني.
وتشدد العقوبة إذا وقع الجرم على المحاكم أو الإدارات العامة أو الجيش أو أي موظف رسمي في الدولة حيث تصل العقوبة إلى الحبس لمدة سنة.
إن لجوء الناس إلى هذه الدعاوى فيه ردع لسلوك اجتماعي مرفوض.
