“عندما تصبح الشهرة اختياراً”

الشهرة لا تأتي من تلقاء ذاتها، وإنما بسبب أثرٍ، أو إنجازٍ ما متفوقٍ يحققه المرء فيستقطب الأنظار، والأضواء نحوه.. فهي إذن لا تأتي بقرار، وإنما كنتيجة لتميزٍ ما.. كما أن صداها لا يتردد دفعة واحدة هكذا إذ إنها تنطلق بالتدريج خطوة إثر خطوة حتى إذا ما تعاظم الأثر التراكمي للإنجازات سطعت الشهرة، وتناثرت أخبارها في كل اتجاه.

هذا عن الشهرة الحقيقية، والتي تشكل مصدر إلهام للآخرين.. أما تلك الزائفة، والتي أصبحت رائجة فهذه لها حديث آخر بعد أن تعددت منافذها بفضل وسائل التواصل والاتصال، والمواقع الإلكترونية التي باتت لا تعد، ولا تحصى. لقد أصبحت الشهرة الزائفة ظاهرة شائعة في العالم كله، فكثيرون يحاولون بناء صورة لأنفسهم تغاير حقيقتهم بسبب هوس الشهرة حتى ولو كان طالبها مجرداً من أي موهبة، أو قيمة حقيقية، أو تأثير إيجابي في المجتمع، ظاهرة سلبية لا تكتفي بنفسها بل تؤثر على المجتمعات سلباً أيضاً.

والأهم من هذا هي تلك السرعة التي تتحقق بها الشهرة الزائفة، لتذيع بين الناس، وهي تنطلق بقوة كما الصاروخ نحو السماء، إلا أنه صاروخ محكوم عليه بالانفجار بعد حين، ومن ثم بالانطفاء بعد تناثره إلى أجزاء. كما أنه التنافس الذي يحتدم بين مشاهير الفقاعة، وكل أحدٍ من هؤلاء يحاول أن يسبق منافسه في مرتع للشهرة لا يحتاج إلى عمل جاد، أو إنجاز ملموس، أو قيمة حقيقية، وربما تكفيه صورة معدّلة، أو مقاطع من أفلام قصيرة، أو قصة مقتبسة، أو رواية مسروقة.

قد تعلَق أحداث، أو أسماء في الأذهان لوقت طويل وتستمر فيها لعقود، أو ربما فضيحة ما تصبح قصتها مشهورة، ومنشورة، وقد تتحول تلك القصص مع مرور الزمن إلى مثلٍ يُعلق على حبل التراث بما يحمله من نوادر، وحكايات.

وإن كانت الوسائل الحديثة تساعد، بل تغذي الشهرة إلا أن المبدأ بشأن مصداقيتها يظل واحداً فيما هو صحيح، وأكيد، لكن الزائفة منها والتي تتحقق بشكل أسهل، وأسرع باتت الآن تطغى على الأخرى الأصيلة التي ينالها المرء بالجد، والاجتهاد، والابتكار، والإبداع.

والشهرة هي ليست الفضيحة لكنها في وقتنا الحاضر أصبحت تُنال من خلال الفضيحة، وكأن مفهومها قد تغيّر، وتبدل، إذ تكفي فضيحة واحدة كبُرت، أم صغُرت، ليصبح المرء مشهوراً، وعلى أوسع نطاق بفضل ما تسمى (الميديا) أي ذلك الفضاء الإلكتروني الرحب مترامي الآفاق، وساحته المتسعة لكل مَنْ هب ودب غدت من أهم الوسائل الحديثة لتحقيق المبتغى من تسويق المرء لنفسه بطريقة عصرية إيجابية، ومثيرة للاهتمام.. وآفاق الشهرة لا تنتهي عند حدودٍ فهي في الفن، والأدب، والسياسة، والطب، والعلم، والاختراع، والرياضة، وغيرها مما لا يمكن حصره.

فهل هو الإفلاس من كل ما يمكن للمرء أن يرتقي من خلاله ليصبح مشهوراً بحق؟ أم أنه جنون العصر الذي أصاب الناس، ووسائله التقنية تمنح حضوراً رقمياً ميسراً، وتشجع عليه، وتفتح له الأبواب التي كانت مغلقة ليدخل كل أحدٍ منها إلى ساحات برّاقة تلتمع بأضواء يناله حظ وافر منها حتى ولو كان الثمن مقابل ذلك مستنكراً بعرف المجتمع، أو غير لائق؟

في مثل هذه الأحوال لا يلتفت المتلهف لأن يعرف الناس بوجوده في الحياة، أقول إنه لا يلتفت إلى خطر خداع الآخرين بما يصف به نفسه، ولو أنها غلالة رقيقة من تزييف قد لا تلبث لسوء الحظ، أو لحسنه، أن تتمزق لتبدو حقيقة ما تحتها.. فالشهرة في كل الأحوال ليست دليلاً قاطعاً على النجاح.

شكل من أشكال الاحتيال الاجتماعي، وخطر يتعرض له الناس بشكل متزايد في العالم الرقمي الذي يتيح لأي شخص يمتلك هاتفياً ذكياً، وعلاقات ولو وهمية على الشبكات الاجتماعية، أن يحقق ما يتمناه، وإن كان لا يستحقه. أما اختيار الشهرة الكاذبة لمن أرادها فهو متوفر بشرائها أيضاً، وقد باتت تحولاتها رمزاً للنجاح، ومفتاحاً لمسار اجتماعي مختلف يبدي اهتماماً كبيراً بالمشاهير من أي تصنيف كان.

لقد أدى الطلب المتزايد على الشهرة كأي سلعة تباع، وتشترى، إلى ظهور العديد من الشركات المتخصصة التي توفر خدمات الشراء، مستغلةً هوس الناس بالشهرة التي لم تعد حلماً صعب المنال، والتي أصبحت تحظى بمكانة كبيرة في مجتمعنا المعاصر عموماً.

جدار هش يلطو وراءه ملايين ممن يطمحون إلى اهتمام الناس بهم، وبما يفعلونه، قد ينهار فوقهم في أي لحظة مخلفاً خيبةً لدى مَنْ أُعجب، وصدّق، لتنهار بالتالي الثقة بمن اشتهر، ويختفي التقدير الذي كان يُمنح لمن وضع نفسه في دائرة الضوء الوهمية.. وأعود لأقول إن الشهرة لا تعني بالضرورة النجاح لأن النجاح هو ما يصنعها كنتيجة طبيعية له إذ أنها ليست هدفاً بحد ذاتها.

* * *

آخر الأخبار
"كهرباء اللاذقية".. تركيب محولة في الحفة وإصلاح الأعطال في المدينة خدمات صحية متكاملة في صافيتا جهود مستمرة لتأمين الكهرباء في جبلة مزاجية ترامب تضع أسواق النفط على "كف عفريت" اجتماع لتذليل الصعوبات في المستشفى الوطني باللاذقية متابعة جاهزية مجبل الإسفلت بطرطوس.. وضبط الإشغالات المخالفة بسوق الغمقة الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم