بدأت تتشكل بوضوح، وعلى نحو سريع، ملامح تحولات استراتيجية في المنطقة، وهي برمتها إيجابية يحكمها العقل والمنطق والمصالح المشتركة بين الدول في إرساء دعائم الاستقرار، ودعم التعاون لمصلحة نهضة الشعوب.
تفاهمات غيَّرت على نحو واضح الأوضاع التي كانت سائدة في العقود السابقة، ومن أهم سمات التطور الذي حصل تراجع حضور الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد الحضور الصيني والروسي.
زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الرياض، وانعقاد القمم، السعودية – الصينية، والخليجية – الصينية، والعربية – الصينية، كلها أحداث مميزة ولافتة في منطقة تشهد تحولات سياسية واستراتيجية عميقة متناغمة مع التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، وهذه التحولات عنوانها الأبرز تراجع الدور الغربي في منطقتنا.
الأجواء والمتغيرات الإيجابية، فرضت إعادة ترتيب للأوراق والملفات على نحو سليم، وقادت نحو بلوغ تفاهمات من شأنها وضع حد لأزمات المنطقة، والدخول في بوابة التعاون والتضامن بين الأشقاء العرب في المنطقة العربية.
البيان السوري – السعودي المشترك الذي صدر في ختام زيارة وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد إلى المملكة العربية السعودية، كان موضع ترحيب واسع، ويأتي في سياق التحولات الإيجابية التي تشهدها المنطقة، وضمن جهود سورية والمملكة في تعزيز التكاتف والتضامن، وبما يخدم مسيرة العمل العربي.
سورية دوماً حاضرة في محيطها العربي، والعالمي، وبرغم أزمتها لم تتوقف يوماً عن مد يد المساعدة، والمشاركة في كل ما من شأنه إنهاء الأزمات في المنطقة والعالم، وهي أول من رحب بعودة العلاقات السعودية – الإيرانية، والتي تنعكس اليوم إيجاباً على قضايا وأزمات وتبشر بحلها.
سورية راسخة في المحيط العربي، وتعزيز هذا الرسوخ والحضور ليس فيه مصلحة سورية وحدها، بل المصلحة الكبرى لجميع الدول العربية في ظل التحولات التي يشهدها العالم، ولن يكون الجسد العربي معافى وسليماً من دون تعافي سورية من أزمتها، وهذا أمر واضح ويدركه الجميع.
والحقيقة التي يجب أن تكون حاضرة في الأذهان أنَّ قوة الدول العربية في قوة سورية، ووجودها بعلاقات أخوية وطبيعية واستراتيجية مع الدول العربية من شأنه أن يقوي مواقف الدول العربية في مختلف القضايا، وينهي الكثير من مظاهر الفوضى والتوتر، التي يستغلها تجار الأزمات والحروب من غرب وأدوات لهم.
منهل إبراهيم