غالباً ما تتحدث مؤسساتنا عن تكاليف المواد الحقيقية والتسعير على أساسها حين تقرر تحديد سعر مادة ما، مثل تسعير الحبوب مؤخراً، ولكن تكون الأمور غير مناسبة في حسابات المستهلك ومنهم الفلاح حالياً.
فتجربة تسعير شراء محصولي القمح والشعير وفق التكلفة.. لم تكن دقيقة، والتسعير القائم على التكلفة الحقيقية لم يكن مناسباً للقيمة الرائجة، وأعتقد أنه في كل محطات التسعير لأي مادة ثمة تكلفة حقيقية وثمة قيمة رائجة.
وهنا لب المشكلة، فعندما تسعر الجهات المعنية ربما تكون منصفة لجهة التكلفة الفعلية، لكن عندما تمر المادة بمراحل متعددة قبل وصولها إلى الأسواق ومنها الحصول على القطع من المنصة والتأخير في الحصول عليه، ووضع توقعات بارتفاع السعر من التاجر، وعلى حد قول الأخير أنه عندما يعود ليدفع ما حصل عليه من قطع تكون اختلفت القيمة، وبالتالي من حقه – كما يرى هو- أن يسعر المادة وفقاً لتوقعاته بارتفاع سعر الصرف.
وإذا ما أسقطنا الحالة اليوم على تسعير مادة القمح ب٢٣٠٠ ليرة والشعير بألفي ليرة نجد أنه كان سعراً مفاجئاً للفلاحين والمختصين والمتابعين نتيجة ارتفاع التكاليف، وقد يكون ما قدمته الحكومة من دعم لجهة تأمين البذار ومختلف المستلزمات لزراعة القمح جيدة في وقتها، لكن اليوم ثمة سعر رائج وكلما اقترب التسعير الحكومي منه، فإن النتيجة ستكون أفضل لجهة تسليم المحصول، مع العلم أن المعنيين أكدوا أن السعر المحدد للقمح والشعير ليس سعراً نهائياً، وهو قابل للزيادة خاصة وأنه في كل عام هنالك مكافآت تشجيعية لتسليم المحصول ترفع من قيمة المادة.
ومن هنا تتجه الحاجة نحو إعادة النظر في قيم محصولي القمح والشعير مع الأخذ بعين الاعتبار السعر الرائج، لكن في المقابل لا نعلم ماذا سيترتب عند رفع سعر المحصول من ارتفاع في أسعار مشتقات هاتين المادتين سواء القمح الذي ينتج الخبز و البرغل وغيرها من المواد التصنيعية كالمعكرونة أو الشعير الذي يستخدم كمادة علفية لإنتاج اللحوم والحليب والبيض.
على أي حال ننتظر موسماً مبشراً للقمح خاصة بعد أمطار الخير الأخيرة، كما ننتظر سعراً مجزياً للفلاح يدعم استمرارية العملية الإنتاجية لموسم القمح، وعندما يلتقي الدعم بالتشجيع لابد أن تكون النتيجة استقرار عملية الإنتاج وتحسنها، وهنا قصدت دعم الفلاح بتأمين المستلزمات، وتشجيعه بوضع أسعار مجزية تواكب تعبه وتعيد جزءاً من جهده الكبير.
السابق