ما أجمل من أن تنصر أندونيسيا الشعب الفلسطيني بأن تقول للاحتلال الإسرائيلي ليس مرحباً بك في بطولة كأس العالم للشباب التي كان من المقرر أن تستضيفها الجزيرة في أيار القادم، وما أجمل من أن ترفض ماليزيا قبلها منح الفريق “الإسرائيلي” فيزا للمشاركة في بطولة العالم للاسكواش عام 2021.
هو موقف إنساني نبيل، قبل أن يكون موقفاً رياضياً، للتعبير عن رفض منطق الاحتلال الذي تمارسه “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني منذ سبعة عقود ونيف، وبدل أن يعترض الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على هذا الموقف ويسحب استضافة أندونيسيا للبطولة، كان عليه أن يبارك لهذه الدولة الآسيوية التي تبعد عن فلسطين جغرافياً آلاف الأميال، موقفها ويصادق عليه.
كيف يستطيع هذا الاتحاد أن يبرر موقفه من أندونيسيا ويفرض عليها عقوبات وغرامات مالية على خلفية قرارها رفض استقبال الفريق “الإسرائيلي”، في حين يتخذ هذا الاتحاد هو والاتحاد الأوروبي لكرة القدم قراراً بتعليق مشاركة الأندية والمنتخبات الروسية في أي منافسة دولية واستبعاد المنتخبات الروسية من المشاركة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم المقبلة على خلفية الحرب الروسية الغربية في أوكرانيا؟
المفارقة أن الاتحادين الدولي والأوروبي عزيا قرارهما “بالتضامن مع أوكرانيا التي تتعرض لحرب من قبل روسيا”، لكنهما نسيا أن يتضامنا مع فلسطين وشعبها الذي يتعرض لمذبحة يومية على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود، ولا يزال يمارس أبشع أنوع الجرائم بحق أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها.
إن كان هناك من حظر رياضي فيجب أن يكون على جميع الفرق الإسرائيلية التي تتشكل في معظمها من جنود الاحتلال ومستوطنيه الذين شاركوا سابقاً أو يشاركون حالياً في ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ويسرقون أرضه ويطردونه منها، ويحاولون تغيير معالم المدن الفلسطينية وتهويدها وتدنيس مقدساتها.
في الحقيقة لقد تعودنا على ازدواجية المعايير الغربية والأوروبية في كل شيء، من الرياضة إلى حقوق الإنسان والسياسة والاقتصاد والتنمية، لكن هذه الفوقية الغربية لن تعيش طويلاً وسيأتي يوم تنهزم فيه الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية بكافة أشكالها، لأن شعوب العالم ودولها لن تبقى صامته حيال استلاب تلك المنظمات وانحيازها الأعمى.
لقد أكدت ماليزيا أن موقفها ذاك هو قرار سيادي قائم على سياستها الثابتة بدعم حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ونظام التمييز العنصري الذي تمارسه ضد الفلسطينيين.
كما يشكل الموقف الأندونيسي تعبيراً عن الموقف الشعبي الرافض للمشاركة الإسرائيلية والذي تجلى بتظاهرات حاشدة ترفض حضور فريق الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الأندونيسية بسبب سياسات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
على المنظمات الرياضية الدولية أن تتعامل بنزاهة ومعايير واحدة مع مختلف الحالات المتشابهة، وأن تتوقف عن ممارسة المعايير المزدوجة، إن كانت فعلاً تريد إبعاد الرياضة عن السياسة كما تدعي، وإلاّ فإنها تصبح مكاناً للتغطية على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومنصة للدفاع عن هذه الجرائم.