نحتفي باليوم العالمي للكتاب وواقع الكتاب والثقافة المرجوّة منه في اضطراب مع مسقبل يتفنن في تحييد الثقافة والكتابة والأدب والفكر الحقيقي، وإذا ما التقى من يُعنى بالكتاب ومحتواه تجد القارئ في تفاؤل حذر أو تشاؤم منفرج لأنّ ثقافات المثقفين وكتابات الأدباء والشعراء ماعادت ترسم صورة الغد أو تطمئن مستقبلاً.
ليس استسلاماً ولا تشاؤماً خطاب الأمس والغد عن غياب دور الكتاب والقراءة والثقافة والمثقفين، لكنّه واقع مرير تعيشه الإنسانية أمام اجتياح العولمة التي تسحق العقول البشرية ومعها الأفكار والآراء والثقافات ولقمة العيش.
انعدمت الثقة بين الكتاب والقارئ، فترجمة الثقافة المكتسبة على أرض الواقع باتت شبه مستحيلة في عالم افتراضي يفرض نفسه منطقاً وواقعاً تسعى نحوه أدواته التي تنتصر على الفكر الإنساني وتأخذ تلك الأدوات مزيداً من الفرص مع كلّ من يشجّع على نشوء أضداد من الطبيعة ذاتها…
فهل نلتفت لأهميّة الفكر الحرّ المثقف الواعي في رسم صور مستقبلية بعيدة عن الفكر المتهالك المتآكل والبالي لتكون الصورة الانعكاسية للفكر المثقّف تنفرد في خطاب العقل الإنساني الحرّ لقضايا الأوطان والأمم والشعوب كي لانكون سجناء أفكار وشعارات هدّامة وأوهام عابرة في التاريخ لاتبني إنساناً ولاوطناً…
وحسبنا في اليوم العالمي للكتاب أن نتذكر كيف تغيّر لون دجلة والفرات عندما رُميت الكتب فيها وأُحرقت المؤلفات، وفي العصر الحديث كيف حاول الإرهاب العالمي تدمير المعالم الثقافية والتعليمية واغتيل العلماء والمفكرين لأنّ الكتاب والثقافة وحدها من تتصدى لكلّ فكر استبدادي واستعماري وداعشي.