نسمع بشكل يومي عن عشرات الضبوط المنظمة بحق مخابز لأسباب عديدة منها: مخالفات تتعلق بجودة الرغيف والاتجار بالخبز، وأحياناً نسمع عن متاجرة بالدقيق التمويني قبل وصوله إلى المخابز، لكن قليلاً مانسمع عن نوعية الدقيق المطحون والكميات التي تنتجها المطاحن بشكل يومي إلا عند تبرير سبب نوعية الخبز السيئة، والسؤال لماذا تنتج مطحنة طاقتها ١٠٠طن دقيق نفس إنتاج مطحنة طاقتها ٤٥٠طن.. ترى أين تذهب الكميات المهدروة من الدقيق؟!.
وفي الحقيقة ماجعلني أطرح التساؤل هو ملاحظة وجود إنتاجية ضعيفة لبعض المطاحن ممن تمتلك طاقة كبيرة مقابل إنتاجية كبيرة لمطاحن طاقتها أقل بكثير من الأولى، فمثلاً علمنا أن مطحنة الناصرية في محافظة ريف دمشق تنتج أقل من 100 طن دقيق يومياً بينما طاقتها الفعلية 450 طن، وهذا يطرح تساؤلاً عن إمكانية وجود هدر في كميات الدقيق وربما ذهابها مع النخالة لتجار الأعلاف، ناهيك بالتكاليف التي تتسبب بها عملية الإنتاج من دون جدوى منها، وعلى غرارها عدد من المطاحن الأخرى التي يجب تسليط الضوء عليها، ومعرفة أسباب هذا الإنتاج الضئيل مقارنة بالطاقة الكبيرة.
وأمام الاهتمام والدعم الكبير الذي توليه الدولة لقطاع إنتاج مادة الخبز بدءاً من زراعة القمح وتأمينه بكل السبل وبأسعار باهظة للحفاظ على مخزون استراتيجي له، مروراً بتأمين تخزين سليم للمادة ضمن الصوامع ومراكز التخزين، وصولاً إلى المطاحن وتطوير عملها وإنشاء مطاحن جديدة، ومن ثم المخابز وإعادة تأهيلها وإحداث مخابز وخطوط إنتاج جديدة.
إذاً هنالك تكاليف عالية تنفقها الدولة من أجل الحفاظ على رغيف الخبز وتوفيره للمواطنين بالسعر المدعوم والنوعية الجيدة، مما يعني أن تقابل هذه التكاليف بالمسؤولية العالية من قبل القيمين على رغيف الخبز الذي حافظ على إنتاجه اليومي في أصعب الظروف، وهنا لابد من الإشارة إلى جهود وخبرات وطنية حافظت على إنتاجية الخبز تستحق المكافأة بدءاً من الفلاح المنتج مروراً بعمال المطاحن وصولاً لعمال المخابز، بالتوازي مع محاسبة المقصرين الذين يتسببون بالهدر وضياع الجهود والتكاليف الكبيرة.
السابق
التالي