مع دخول الاشتباكات المسلحةً في السودان أسبوعها الثالث تتلاشى الآمال سريعاً بالنسبة لاقتراب الوصول إلى حل سياسي يجنب البلاد حمام دم باهظ التكاليف.
من الواضح حتى اللحظة أن لا مؤشرات على قدرة أي من طرفي النزاع على الحسم بشكل سريع ومع غياب أي مبادرات دولية أو إقليمية للتوصل إلى تسوية، تنزلق الساحة السودانية نحو حرب أهلية طويلة الأمد لا مصلحة للشعب السوداني ولا للدولة السودانية بها، وهي حرب مرشحة لمد تداعياتها المخيفة خارج الحدود، ويعزز ذلك الجوار المضطرب من ليبيا إلى أثيوبيا وصولاً إلى مصر التي تبدو رغم استقرارها السياسي أكثر المتضررين لجهة الشراكة بين أبناء النيل والممتدة عبر التاريخ.
التطور السريع للأحداث يشي بأن ثمة صراعاً دولياً على الأرض السودانية بأدوات محلية، حيث معظم التحليلات تذهب باتجاه أن ما يحدث في السودان ليس أزمة داخلية عابرة قابلة لحل أو حسم سريع، بل هو مشروع أزمة إقليمية ستصيب بآثارها المباشرة وغير المباشرة المنطقة بأكملها، وبكل تأكيد لن يعود السودان الممزق أصلاً عبر حربين أهليتين سابقتين لما كان عليه سابقاً.
ولأن الحدث السوداني سيترك آثاره في محيطه، فإنه يترتب على دول الجوار أن تسارع للتدخل لحماية نفسها على الأقل من الآثار القادمة، لأن القلق العربي والأممي لن يحل المشكلة، وهنا يقع على مصر ومن ورائها الدول العربية مسؤولية كبيرة في إطفاء هذا الحريق الذي قد يجتاز البحر الأحمر والصحراء الإفريقية وربما أبعد من ذلك بالنظر لما يمثله السودان من سلة غذاء عربية وعالمية، والعالم اليوم ليس بحاجة لأزمة غذاء جديدة لأنه بالأصل يعاني من حريق الحرب الأوكرانية التي فعلت فعلها الرهيب في سوقي الطاقة والغذاء.
الأمم المتحدة تبدو عاجزة والتأثير العربي لجهة التسوية تبدو ضعيفة حتى اليوم، وهو ما يرجح السيناريوهات الصعبة والمتدحرجة نحو الأسوأ بانتظار حدوث مفاجأة ما في لحظة من لحظات النزاع تحسم الموقف، وهذا يبدو مستبعداً بالنظر لتضارب مصالح الجهات الداعمة والمؤثرة.
السابق