الدكتور صابر فلحوط:
اليوم عيد الشهداء من حملة البندقية والقلم معاً، ولم تكن مصادفة أن يكون معظم شهداء السادس من أيار عام 1916 في ساحتي المرجة والبرج في كل من دمشق وبيروت من الصحفيين والكتاب الذين غمسوا أقلامهم في محابر الدم، فصعدوا إلى الرفيق الأعلى حاملين رسالة وطن شامخ الراية والطموح وآمال شعب يجد في كل ألم جديد أملاً يحدوه إلى المزيد من البذل والعطاء والفداء.
يتعزز عاماً بعد عام قرار الاتحاد العام للصحفيين العرب في جعل السادس من أيار عيداً قومياً للصحافة العربية كما هو عيد للشهداء العرب تأكيداً لوحدة المسار والمصير والعناق الأبدي بين غضبة الزند المقاتل على جبهات النار والقلم المناضل عند بوابات الرأي والفكر والحوار لتعضيد مسيرة الوطن وتحصين قلعته وقراره على مختلف الصعد.
ولعل أحداث وتداعيات الكارثة العربية الثانية – حرب العراق- قد عززت مكانة الصحفيين في وجدان الأمة وقلب الجماهير باعتبارهم كانوا هدفاً لرصاص العدوان، حيث صعدوا تاركين بصماتهم على ضفاف دجلة ضوءاً ينير ورسالة تتوهج ووقفة عز يحق للقلم المناضل أن يتيه بها ويفخر على مر الزمان الطالع في عمر الاتحاد العام للصحفيين العرب.
لقد ضرب الصحفي العربي المثال الأروع في الشهادة في فلسطين طوال عمر النكبة الأولى، وفي العراق إبان الأسابيع الثلاثة من عمر النكبة الثانية.
والصحفيون العرب إذ يشاطرون الأمة احتفالها بعيد شهداء السادس من أيار ينحنون بإجلال وإكبار لأرواح شهداء أيار الذين كانوا وقود معركة الحرية ضد الاستعمار كما يسجلون بنبض القلوب إجلالهم لبطولات شهداء تشرين والمقاومة الوطنية اللبنانية الظافرة والانتفاضة الفلسطينية الباسلة الذين يتعانقون في الملأ الأعلى مع شهداء الصحافة العربية الذين شرفوا القلم والكلمة يوم عمّدوا مواقفهم بالدم، وجعلوا من البحث عن الحقيقة عملية فدائية دائمة تحنى لها الهامات عرفاناً، وترفع لها الرايات اعتزازاً وإكباراً في أمة رغم تلاطم أمواج الحقد عليها والعدوان ضدها، ستبقى أمة الجهاد والاستشهاد والفداء حتى تحرير كل ذرة من التراب والحقوق وانتصار المشروع القومي العربي النهضوي المنشود.
ولعل صمود الجيش العربي السوري وتضحياته الهائلة في عشرية النار في مواجهة الإرهاب في الحرب الكونية على سورية، يعطي الأمل الأخضر في قدرة شعبنا مدعوماً بشرفاء الأمة العربية على النصر الأكبر المنتظر في القادم من الأيام، متخذاً من تضحيات من بطولات تشرين وعشرية النار الدرس والأمثولة.