الثورة – مرشد ملوك:
ربما لم تقصد “عزيزة” المقارنة المباشرة بين طبيب الصحة النفسية الذي توفي داخل الحمام.. بعدما انفجر سخان المياه فيه (القازان) وباب الألمينيوم موصود ومحكم الإغلاق.. وبين أحد المقترضين من مصرف التسليف الشعبي الذي لاذ بالفرار إلى خارج البلاد دون أن يسدد القرض الذي استلفه من مصرف التسليف وبضمانة وكفالة المؤسسة العامة السورية للتأمين.
لكن ورود المثالين في “ندوة النقاش” التي نظمتها المؤسسة العامة السورية للتأمين مؤخراً حول “تأمينات الحياة” وقدمتها المستشارة في المؤسسة عزيزة، هي بالفعل تختصر فلسفة الحياة في التناقض والتوافق.. بين الطبيب النفسي الذي توفي في الحمام والحامل لوثيقة “التأمين على الحياة” وبين من استلف قرضاً وكفلته المؤسسة ولاذ بالفرار بعدما حصل على مال القرض.
في قانون الاحتمالات وعند وإكتواري التأمين فالوفاة والتعثر أمر طبيعي وهذا طبيعة العمل.. وإيراد هذه الحالة وحتى إيراد أربع حوادث إضافية لوفاة مقترضين كفلتهم مؤسسة التأمين لا يحرف مشروع الكفالات المصرفية الذي بدأت به “المؤسسة العامة” عن الأهداف المخطط لها، سواء ما هو متعلق بالتأمين على الحياة أو تأمين وكفالة القروض الذي زاوجته “المؤسسة العامة” كبوليصة تأمين واحدة.
ملحم: الثقة اساس عملنا المبني على التعويض
في التفاصيل.. أرخى ثقل الوضع الاقتصادي والمعيشي على مجريات النقاش وخاصة ما يتعلق بصناعة التأمين وهو ما اعتبره مدير عام مؤسسة التأمين أحمد ملحم “للثورة” بالواقع الذي يجب أن تتعامل معه كل شركة تأمين، من خلال توجيه البرامج والمنتجات والأنواع التأمينية.
وهذا برأي ملحم ما يفرض ويحدد أسعار المنتجات التي تقدمها المؤسسة العامة للتأمين، وهو ما يتضح في تسعير بوليصة التأمين الصحي المقدمة من المؤسسة وكذلك تأمينات الحياة موضوع هذه الندوة وأيضاً تأمينات القروض.
محمد: جهود ثقافة الوعي التأميني تعادل أهمية دفع التعويض
وبالدخول المباشر بموضوع تأمينات الحياة توقف مدير عام هيئة الإشراف على التأمين الدكتور رافد محمد عند أهمية الطرح الدائم لأفكار وحاجات جديدة دون النظر إلى العمر، وهذا ما تجسد عملياً بتأمين القروض الشخصية المقدمة من بعض المصارف السورية.
وبدا الدكتور محمد مؤيداً لفكرة الاستثمار المستقل لأموال منتج تأمينات الحياة بمعزل عن أموال التأمينات الأخرى.
وفي اتجاه الاستثمار المستقل لأموال تأمينات الحياة فرض مدير عام الشركة السورية العربية للتأمين باسل عبود ضرورة الرقابة الشديدة على مدخرات واستثمارات أموال تأمينات الحياة، التي يجب أن تكون مصنفة وفق “النورم” العالمي بشكل دقيق، بل وتحتاج إلى مكاشفة بالجزئيات والتفاصيل.. والقصة هنا بنيوية محضة.
الهيبة: برامج تأمينات الحياة لدينا متواضعة
مقابل ذلك أبرز أمين عام الاتحاد السوري لشركات التأمين نزار الهيبة “للثورة” ضرورة رفع سوية أنواع التأمينات المقدمة للمواطن، معتبراً أن برامج تأمينات الحياة موجهة لما بعد الوفاة.. لكن البرامج في سورية قديمة جداً ومتواضعة لذلك فالحاجة تفرض بدائل جديدة وحلولاً تبدأ من عمر الشباب إلى الشيخوخة .
لكن مدير عام هيئة التأمين الدكتور رافد محمد اعتبر “للثورة” بأن تأمينات الحياة مظلومة جداً في بلادنا والتقصير واضح في هذا المجال .. وتأمينات الحياة أهم أنواع التأمينات الإنسانية والاجتماعية.
وحتى في أبعاده الاقتصادية لأنه يسمح للشركات بالاستثمار الأفضل وهذا يحسن الموقف الفني، وهو بالأساس مرتبط بقدرة المؤمن له على سداد قسط أكبر.. لكن يمكن الدخول بقانون الأعداد الكبيرة.. وبذلك يمكنني ذلك أن أخفض القسط.
وأورد مدير عام شركة إدارة النفقات الصحية كير كارد عادل خضر أهمية الاعتماد على متخصصين بعلم الاحتمالات والرياضيات الاكتوارية، لأن ميزان التأمين والتعويض والحاجة إلى تأمينات الحياة تحتاج إلى دقة وتفصيل أكثر وأعمق من باقي أنواع التأمينات الأخرى.
ربما في هذا النقاش وفي أي نقاش آخر سيكون لموضوع إدراك أهمية التأمين والوعي التأميني كحاجة وأولوية من التحديات الكبيرة في سورية وفي هذا التحدي اعتبر مدير هيئة التأمين أن ثقافة الإدراك لأهميه هذه الخدمة تحتاج دائماً إلى طرق جديدة.. ولهذه الغاية نظمت هيئة الإشراف مؤخراً لقاء موسعاً في مقر الهيئة بدمشق مع مديري التسويق والإعلام والعلاقات العامة في شركات التأمين السورية.. وفي اللقاء دار نقاش موسع حول الخطط التسويقية والأدوات المستخدمة في كل شركة.
وبنفس الوقت تتابع الهيئة برنامج تعاون مع الاتحاد السوري لشركات التأمين، وبرأي محمد أن هذه الجهود توازي مصداقية كل شركة بدفع التعويض المطلوب.
وجاء رأي مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين أحمد ملحم مطابقاً لرأي الدكتور محمد بالحديث عن ضعف شديد بثقافة التأمين في سورية، وهذا مرتبط بعوائق تسويقية وبشرية ومالية.
لكن ذلك يندرج تحت سياق الجهود المستمرة لمؤسسة التأمين السورية وكافة الجهات في السوق.. “فالوعي مسؤولية الجميع”. وكل هذا ينطوي برأي ملحم في جهود بناء الثقة المطلقة مع الزبون المبنية على التعويض الذي يميز المؤسسة العامة.. وأي تأخر أو مراجعة بهذا الشأن يحمل الإدارة وفروعها المسؤولية الكاملة.
من جانبه أعطى أمين عام اتحاد التأمين تقديم حاجة المواطن للمنتجات التأمينية دوراً أساسياً في التسويق.. لكن ذلك لا ينفي ضعف الثقة وضعف الوعي لأهمية التأمين.
عبود: الوعي التأميني طريق طويل وقد يمتد لأجيال
ووصف مدير السورية العربية للتأمين باسل عبود الوعي لأهمية التأمين بالطريق الطويل والحالة التركمية التي تمتد لأجيال.
أما مدير عام شركة الثقة السورية للتأمين يزن ديب فأورد تأمين الإصابات الرياضية كأسلوب تسويق لافت في السوق السورية.
وتشير المعلومات إلى أن قيمة التأمينات في العالم تصل إلى/ ٥ / ترليون دولار في الوقت الذي كشفت التقارير السنوية لأعمال سوق التأمين في سورية في أعوام 2019 و ٢٠٢٠ و ٢٠٢١ و٢٠٢٢ إلى أن حجم تأمينات الحياة لم تتعدى ٢ % من حصص أنواع التأمين.