الثورة – ميساء الجردي:
رغم وجود عشرات المبادرات المجتمعية والصحية التي تُطلق وعلى كافة الأصعدة لمكافحة التدخين إلا أن هناك ارتفاعاً عالمياً في أعداد المدخنين ورغم تنوع الشعارات التي تطلقها منظمة الصحة العالمية وتعمل عليها مع جميع الدول الشركاء فإن الرادع يبدو قليلاً وخاصة لدى الشرائح الهشة في المجتمع.
تشير الدراسات إلى وجود 8 ملايين شخص يموتون سنوياً بسبب التدخين وأن جميع الأمراض المثبتة سببها التدخين فهناك أكثر من 7 آلاف مادة سامة تنطلق من حرق التبغ والدخان الناتج عنه، وهناك أكثر من مليار شخص مدخن على مستوى العالم إضافة إلى التبعات الكبيرة لهذه الممارسات غير الصحية.. هذا ما تحدث عنه الدكتور بسام أبو الذهب اختصاصي الصحة الصناعية وطب العمل في وزارة الصحة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي حمل شعار (لنزرع الغذاء وننقطع عن التدخين) لعام 2023 ومن هنا يوضح عملية التوعية ضد أضرار التدخين والإعاقة الكبيرة التي يسببها التبغ لعملية التنمية المستدامة على ثلاثة أصعدة وهي الأمراض التي تصيب المدخن والتأثيرات التي تصيب المحيطين به سواء صحية واقتصادية ومجتمعية والمشكلات البيئية التي يسببها التدخين الثالثي.
وبين أن عملية انتقاء الشعارات الخاصة باليوم العالمي والذي يصادف في 31 أيار من كل عام ليست عشوائية فكل شعار هو بمثابة تسليط الضوء على مادة من مواد اتفاقية مكافحة التدخين العالمية والتي كانت سورية من أوائل الدول التي صادقت عليها.. ومنه فإن شعار هذا العام المتعلق بزراعة الغذاء والانقطاع عن التدخين يلفت انتباه العالم إلى ضرورة الإقلاع عن زراعة التبغ واستبدال هذه الزراعة بزراعات غذائية مفيدة يحتاجها الناس للعيش بسلام وخاصة بعد أن كشفت الدراسات الحديثة عن تسرب النيكوتين الخام من الورق إلى أجسام العاملين في مزارع التبوغ وخاصة الأطفال والشباب.. لافتاً إلى أهمية مساعدة الفلاحين خلال فترة الانتقال من محصول التبغ إلى زراعة محصول بديل فالأمر ليس عشوائياً ويحتاج إلى سنوات وتكلفة كبيرة والبحث عن محاصيل غذائية تقدم أرباحاً موازية للأرباح التي تُجنى من زراعة الدخان.
وأشار إلى أن اليوم العالمي ليس يوماً عابراً فهو بداية لخطة عمل جديدة لعام جديد وجهود كبيرة تصوب نحو هذا الهدف ومن هنا تأتي الاستراتيجية الخاصة التي تعمل عليها وزارة الصحة من خلال برنامج وطني خاص لمكافحة التدخين بالتشاركية مع جهات حكومية وأهلية ومنظمات شعبية يتم من خلال تفعيل المراسيم الثلاثة (المرسوم رقم 13 والمرسوم رقم 59 والمرسوم التشريعي رقم 62) التي صدرت من أجل هذا الهدف وذلك تماشياً مع السياسات العالمية الست المتبعة في هذا الاتجاه.. ومن خلال المبادرات المجتمعية التي تضمنت دورات توعية في مراكز الأحداث وفي دور الأيتام، ومبادرات موجهة إلى المدارس في المدن والأرياف وأيضاً مبادرة خاصة لطلاب الجامعات السورية تحت عنوان (جامعات خالية من التدخين) وخاصة بعد أن أثبتت الدراسات أن هناك 60% من الطلبة يدخنون تدخين عابراً.. كما تم تأسيس موقع إلكتروني حول أضرار التدخين منذ عام 2018.. وعليه يرى الدكتور أبو الذهب أهمية أن تتوجه سياسات المكافحة هذا العام إلى معالجة زراعة الدخان والقيام بمبادرات مجتمعية تشكل عامل حماية لأكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع.