الثورة – حسين صقر:
من المعروف شرعاً وقانوناً، وحسب الوارد في قانون الأحوال الشخصية، أنه مع عدم تبادل ألفاظ المخالعة يعني عدم وقوعها، ليبقى السؤال، كيف يخالع الأخرس؟!
وللإجابة عن هذا السؤال، تواصلت “الثورة” مع المحامي بشار محمود العلي، والذي قال تقع المخالعة باللفظ كما تقع بالكتابة إذا فهم الزوجان فحواها، وبما أن الشرط الأول لايتوفر لدى الرجل غير القادر على الكلام، تقع كتابة، وإذا لم يستطع الكتابة هناك إجراءات أخرى حتى تتم المخالعة وينتهي كل من الزوجين في طريقهما.
بداية عرّف العلي العلاقة الزوجية بالقول: إنها تلك العلاقة التي تُبنى على المودة والرحمة، وإذا حدث ما يسبب في هدمها، فإن ذلك يكون لأسباب كثيرة، ويترتب على ذلك عدم قدرة الزوجين على العيش معاً، ولهذا يبحثان عن طريقة لإنهاء الزواج، والمخالعة إحدى تلك الطرق، و هي الحل الشرعي والقانوني لتجنب أي مشكلات قد تحصل بين الزوجين.
وأضاف أن القانون لم ينص على تعريف المخالعة بشكل صريح بقانون الأحوال الشخصية رقم /59/ لعام 1953 الذي عدّلت بعض مواده بالقانون رقم /4/ لعام 2019، وإنما اعتبرتها اجتهادات محكمة النقض عقداً ثنائياً بين الطرفين، ولا تتم إلا بالإيجاب والقبول.
وأضاف أي يمكننا تعريفها: بأنها عقد بين طرفين فيه إيجاب وقبول ويكون بموافقة الزوجين وانصراف إرادتهما للمخالعة، ولا يمكن لطرف واحد فقط إجراؤها بإرادة منفردة.
وتابع أن ثمة إجراءات للمخالعة، حيث نصت المادة /96/ من القانون رقم /4/لعام/2019 أنه تقع المخالعة باللفظ كما تقع بالكتابة إذا فهم الزوجان فحواها، وأنه لكل من الطرفين الرجوع عن إيجابه أو موافقته على المخالعة قبل قبول الآخر، أي أنه بمجرد تبادل ألفاظ المخالعة بين الزوجين فإن المخالعة تقع بينهما، ومن الممكن أيضاً أن تتم المخالعة بكتابة عقد ويتفهم الزوجان مضمونه ويوقعان عليه، وفي الحالتين يمكن إجراء المخالعة خارج مجلس القضاء، حيث يتم تثبيتها أمام المحكمة إما بدعوى أو معاملة إدارية وترقين واقعة الزواج مع الإشارة إلى إمكانية رجوع أحد الطرفين عن إيجابه قبل إعلان الطرف الثاني القبول.
وأوضح إذا قدمت للمحكمة معاملة المخالعة أجلها القاضي مدة لا تقل عن شهر أملاً بالصلح وله خلال هذه المدة أن يستعين على ذلك بمن يختارهم من أهل الزوجين أو بأحد مراكز الإصلاح الأسري، وإذا أصر الطرفان على المخالعة دعا القاضي الطرفين واستمع إلى خلافهما وسعى إلى إزالته ودوام الحياة الزوجية وإذا لم تفلح المساعي سمح القاضي بالمخالعة وتشطب المعاملة بمرور ثلاثة أشهر اعتباراً من تاريخ الطلب إذا لم يراجع بشأنها أي من الطرفين.
ورداً على سؤال كيف تقع المخالعة باللفظ أو الكتابة من العاجز عنهما، قال: قد يكون الزوج أو الزوجة أو كليهما عاجزين عن النطق والكلام ” أخرس أو خرساء”، و في هذه الحالة إذا كان لديهما مقدرة على الكتابة وفهما معنى العقد، فإن المخالعة تتم بتوقيعهما عقد المخالعة أما إذا كان أحدهما أو كليهما لا يعرف الكتابة فإن الإيجاب والقبول يقع بإشارته المعلومة للتعبير عن إرادته، حيث الإشارة هنا تقوم مقام العبارة والزوجة “الخرساء” تعد إشارتها المعلومة كافية ولا شك أنه إذا كان ” الأخرس أو الخرساء” يعرف الكتابة فإنها أفضل من الإشارة، لأنها قطعية الدلالة على مراد صاحبها وقد يلجأ القاضي إلى أهل الخبرة والمعرفة والاختصاص لفهم الإشارة في حال كانت إشارة “الأخرس” غير مفهومة ولا يعرف الكتابة.
وعن الآثار التي تترتب على وقوع المخالعة، أجاب المحامي العلي، أنه وفق نص المادة /100/ من القانون رقم /4/ لعام /2019 فإنه يعد الخلع فسخاً لا طلاقاً ولا يحسب من عدد الطلقات وتعد المخالعة صحيحة سواء صرح المتخالعان بذكر بدل الخلع أو بنفيه أو بفساده أو بالسكوت عنه، موضحاً أنه لا بد من القول إن المخالعة تتماشى مع القاعدة الشرعية ” لا ضرر ولا ضرار” إن كان لا مفر من إنهاء العلاقة الزوجية، ويقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة الآية ٢٢٩ ” لا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما” وختاماً إن الإشارة للأخرس أداة تفهيم لذا تقوم مقام اللفظ في إيقاع الطلاق إذا أشار إشارة تدل على قصده فى إنهاء العلاقة الزوجية، فالإشارة باليد أو الرأس مثلاً من الأخرس تقوم مقام التلفظ بلفظ الطلاق وحكمها حينئذ حكم الطلاق الصريح ولا كناية له، حيث حكم الطلاق بالإشارة من الأخرس، يعتبر طلاقاً صريحاً، وأن بعض الفقهاء اشترطوا ألا يكون الأخرس عارفاً بالكتابة، ولا قادراً عليها، فإن كان عارفاً بالكتابة قادراً عليها فلا تكفي الإشارة، لأن الكتابة أدل على المقصود فلا يعدل عنها إلى الإشارة إلا لضرورة العجز عنها.