“موندياليزاسيون”: رؤية كيسنجر لتجنب حرب عالمية ثالثة

الثورة – ترجمة محمود اللحام:

كيسنجر هو أحد أهم الأصوات في السياسة الخارجية الأمريكية وهو متشدد ويعتبره البعض مجرم حرب، وقد شارك بشكل مباشر في انقلاب عام 1973 في تشيلي وأيضاً في حرب فيتنام الوحشية، لذلك فهو ليس مسالماً، على العكس من ذلك.
ومع ذلك، فيما يتعلق بالقضايا الجيوستراتيجية الرئيسة مثل الصين وأوكرانيا، فهو مختلف عن دعاة الحرب الحاليين داخل النخبة الأمريكية، ويجب النظر في حجج هذا الصوت المعارض المهم داخل المؤسسة الأميركية.
فقد أعرب كيسنجر في مقابلة مطولة مع مجلة The Economist، عن قلقه العميق بشأن الوضع العالمي الحالي، وبشكل أكثر تحديداً بشأن المواجهة المحتملة بين القوتين العظميين اليوم: الولايات المتحدة والصين.
وبحسب قوله، اقتنع الطرفان بأن الآخر يمثل خطراً استراتيجياً.
ففي بكين توصلت إلى استنتاج مفاده أن الولايات المتحدة ستفعل أي شيء لإبقاء الصين في حالة هبوط ولن تعاملها أبداً على قدم المساواة.
وفي واشنطن، يُعتقد أن الصين تريد أن تحل محل الولايات المتحدة كزعيم عالمي.
يشعر كيسنجر بالقلق بشكل خاص من المنافسة المتزايدة بين القوتين العظميين لكسب التفوق التكنولوجي والاقتصادي، ويخشى أن يغذي الذكاء الاصطناعي هذا التنافس.
ويشير كيسنجر إلى أن ميزان القوى والأساس التكنولوجي للحرب يتغيران بسرعة كبيرة، وبالتالي، لم يعد هناك مبدأ ثابت يمكن للدول على أساسه إنشاء نظام، وإذا لم يجدوا هذا الأمر، فيمكنهم اللجوء إلى العنف.
ووفقًا لكيسنجر، فإننا نجد أنفسنا في الوضع الكلاسيكي الذي كان موجوداً قبل الحرب العالمية الأولى، حيث لا يمتلك أي من الجانبين مساحة كبيرة لتقديم تنازلات سياسية، وأي اضطراب في التوازن يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، لكن الفرق مع ذلك الوقت هو أننا في الصراع الحالي في حالة الدمار المؤكد والمتبادل، ومصير البشرية مرهون بالاتفاق بين الولايات المتحدة والصين، والوقت ينفذ نظراً للتقدم السريع للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته العسكرية المحتملة، ويقدر أنه أمامنا خمس إلى عشر سنوات فقط لإيجاد طريقة للتكيف.
إنها في الحقيقة ليست فكرة سعيدة، لكن كيسنجر ليس قاتل في النهاية، بل يتخوف من الحرب لكن يعطي سبباً للأمل، ويعتقد أنه لا يزال من الممكن أن تتعايش الصين والولايات المتحدة دون التهديد بحرب شاملة، حتى لو لم يكن النجاح مضموناً.
فتجربته الغنية تظهر له أن الدبلوماسية الحازمة هي السبيل الوحيد لتجنب أي صراع كارثي، ومن الناحية المثالية، يتم ذلك على أساس القيم المشتركة، وهو مقتنع بأنه من الممكن إنشاء نظام عالمي قائم على القواعد التي يمكن أن تلتزم بها أوروبا والصين والهند.
ويمكن للمفاوضات بين القوتين العظميين أن تساعد في بناء الثقة المتبادلة، وستؤدي هذه الثقة بعد ذلك إلى ضبط النفس من كلا الجانبين، لذلك من الضروري التفاوض بدلاً من الذهاب إلى أقصى الحدود في المواجهة، لأنه إذا كان المرء يثق تماماً بما يمكن للفرد الحصول عليه بالقوة، فإنه يخاطر بتدمير العالم.
لذلك كيسنجر يحذر من سوء تفسير طموحات الصين. ووفقاً له، فإن العملاق الآسيوي لا يسعى للسيطرة على العالم بالمعنى الهتلري للمصطلح، وليست هذه هي الطريقة التي يفكرون بها أو كيف فكروا في النظام العالمي، وإذا كانت الحرب حتمية بالنسبة لألمانيا النازية لأن أدولف هتلر كان في حاجة إليها، لكن الصين لم تكن كذلك.
إنه يرى أن النظام الصيني نظام كونفوشيوسي، ما يعني أن الحكام لا يسعون إلى الهيمنة، ولكن لتحقيق أقصى قدر من القوة التي تستطيع بلادهم القيام بها، كما أنهم يسعون إلى احترام إنجازاتهم.
يعتقد كيسنجر أن موقف الولايات المتحدة بكل شيء أو لا شيء تجاه الصين أمر خطير، وإذا كانت الولايات المتحدة تريد إيجاد طريقة للعيش مع الصين، فلا يجب أن تسعى لتغيير النظام.
وسيؤدي انهيار النظام الشيوعي (في الصين) إلى حرب أهلية لـ 1.4 مليار شخص ويزيد فقط من عدم الاستقرار العالمي، كما يقول كيسنجر، لذلك ليس من مصلحتنا دفع الصين إلى التفكك.
لذلك يرى كيسنجر مجالين يمكن للولايات المتحدة والصين أن تتفاوض فيهما لتعزيز الاستقرار العالمي: تايوان والذكاء الاصطناعي.
أولاً، تايوان، الذي كان كيسنجر مهندس التقارب بين الولايات المتحدة والصين في السبعينيات، وخلال هذه المناقشات، كانت تايوان أحد الموضوعات المهمة. أشار ماو تسي تونغ، المصنف الأول في الصين في ذلك الوقت، إلى أن السؤال يجب أن يترك مفتوحاً لمدة 100 عام حيث اعترفت الولايات المتحدة رسمياً بتايوان كجزء من الصين، بينما لن تحاول بكين ضم الجزيرة بالقوة.
ووفقًا لكيسنجر، حطم ترامب هذه الاتفاقية التي أبرمت بين نيكسون وماو بعد 50 عاماً فقط، من خلال مطاردة تايوان، أراد ترامب الحصول على امتيازات تجارية من الصين، بينما يواصل بايدن هذه الجلبة بخطاب أكثر حضارة.

يعتقد كيسنجر أنه ليس من الحكمة أن تتعامل الولايات المتحدة مع تايوان، لأن حرباً مثل الحرب الحالية في أوكرانيا ستدمر الجزيرة وتدمر الاقتصاد العالمي.
المجال الثاني الذي يجب أن تتحدث فيه القوتان العظميان مع بعضهما البعض هو مجال الذكاء الاصطناعي. إذ إننا في بداية القدرة حيث يمكن للآلات أن تفرض الطاعون العالمي أو الأوبئة الأخرى، ليس فقط النووي، ولكن أي عالم من الدمار البشري.
يعتقد كيسنجر أن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءاً رئيساً من مجال الأمن في غضون خمس سنوات، مثلما لعبت المطبعة دوراً في الحروب المدمرة في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وسيكون للذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث فوضى كبيرة.
وللحد من خطر الأسلحة النووية، تفاوض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن السيطرة على الترسانات في ذلك الوقت، لذلك يجب فعل الشيء نفسه مع الذكاء الاصطناعي وقال كيسنجر: أعتقد أننا بحاجة إلى البدء في مناقشة تأثير التكنولوجيا مع بعضنا البعض. نحن بحاجة إلى اتخاذ خطوات صغيرة نحو الحد من التسلح، وتقديم وثائق قدرات يمكن التحقق منها للطرف الآخر.
المصدر – موندياليزاسيون

آخر الأخبار
تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية" بينها سوريا.. بؤر الجوع تجتاح العالم وأربع منها في دول عربية سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟