كالأخطبوط له أكثر من يد، ويحاول إمساك كل ما ترنو إليه عيناه، هو النظام الأميركي، وهذه هي حقيقته، فبمجرد أن نتابع تصريحات الإدارة الأميركية، ولو ليوم واحد، من رأس النظام الأميركي، مروراً بكبار المسؤولين، وصولاً إلى الناطقين باسم البيت الأبيض، نجد أن الولايات المتحدة تحشر أنفها في كل شاردة وواردة، وتنصب من نفسها وصياً على دول العالم أجمع، لتدق ناقوس الخطر هنا، وتعبر عن قلقها هناك.
بالأمس وحده فقط، وعلى خطوط التوتر الساخن، بفعل التدخلات البنتاغونية، سمعنا العديد من التصريحات الأميركية، والتي نستطيع القول إنها لم تستثن من حشريتها الفظة أي بلد، فمن روسيا إلى أوكرانيا إلى الصين إلى تايوان إلى كوبا، مروراً بإيران وتونس، ووصولاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها كانت على طاولة التدخل الأميركي غير الشرعي.
إلى أين تريد أن تصل الولايات المتحدة بسياساتها هذه؟!، ألم تدرك بعد أن كل مراميها، وأبعاد تدخلاتها في أكثر من ملف، وعلى أكثر من جبهة، مكشوفة النيات والأهداف؟!، وأنها مهما ادعت الإنسانية، والحرص على أرواح البشرية، إلا أن صور ضحاياها، والفيديوهات التي توثق الويلات التي خلفتها في كل بلد تدخلت فيه سياسياً، أو اقتصادياً، أو عسكرياً بصورة مباشرة، أو بالوكالة، لا يمكن أن تُمحى أو تُنسى بتقادم الزمن.
لعل الأجدر بأميركا وهي التي تتزعم دول العالم عنوة، ودون إذن مسبق من شعوبه، وتنصب من نفسها راعياً أممياً، فيما هي الذئب الذي ينتظر الفرصة المواتية للانقضاض على الأبرياء، وسلبهم خيراتهم، وثرواتهم، وأراضيهم، وممتلكاتهم، لعل الأجدر بها أن تلتفت إلى قضاياها، وإلى أزماتها الخانقة التي تعيشها، وقبل أن تعطي الوصفات للدول المستقلة، وذات السيادة، فلتفتش في دفاترها على حلول لأمراض مجتمعها النفسية، والأخلاقية، حيث لا مكان للحريات والمساواة إلا على صفحات الدفاتر والمجلدات، أما في الحقيقة فيكفي أن نمعن في دماء المواطنين السود وهي تراق على مذبح الفبركات الهوليودية.