تشير بيانات وتقارير المنظمات الأممية إلى أن الزراعة توفر الأمن الغذائي لأكثر من 80 % من فقراء العالم الذين يعيشون في الأرياف، كما أنها تساعد على الحد من الفقر وتساهم في تحسين الدخل، أما محلياً فيؤكد الواقع أن سورية صمدت كل هذه السنوات بوجود القطاع الزراعي الذي وفر الغذاء وفرص العمل لشريحة كبيرة من المجتمع السوري، إضافة إلى المادة الأولية لكثير من الصناعة الوطنية.
المزارع الذي يعمل في أرضه ويُنتج منها هو مثل الشركات التي تحفر الأرض وتنتج النفط، بل هو أكثر عطاء لارتباطه وإيمانه بهذه الأرض، جبران خليل جبران يقول: ” أين تحفر تجد كنزاً على أن تحفر بإيمان الفلاح”.
عندما نتحدث عن الصادرات السورية فإن المنتجات الزراعية تتصدرها، وعندما نتحدث عن مواصفات المنتجات السورية نتحدث عن القمح القاسي والقطن والتبغ وسلالات أغنام العواس والماعز الشامي وغير ذلك، وعندما نتحدث عن الأمن الغذائي نشير إلى القطاع الزراعي، ولكن عندما يتعلق الأمر بتحسين وضع المزارع فإن المبررات تحضر بكثرة.
القطاع الزراعي بحالة انحدار وليس تراجع بسبب غياب سياسات دعمه، فلا التسعير لاستلام المحاصيل يتناسب مع التكاليف، ولا المستلزمات متوفرة، فالسماد الذي نُنتج مادته الأولية (الفوسفات) عجزنا عن تأمينه، وما توفر بضعف أسعاره العالمية رغم أن شركاءنا وأصدقاءنا (روسيا ، بيلاروسيا ، الهند والصين ومعهم إيران) يُنتجون أكثر من 70 % من سماد العالم، والأمر ليس بأفضل فيما يخص المبيدات، فأسواقنا مليئة بالمبيدات غير الفعالة ومجهولة المصدر وغير المختبرة لناحية الأثر على الصحة والبيئة وبأسعار مرتفعة جداً والسبب طبعاً لضوابط في التصنيع والتوريد مفصلة لشركات بعينها (احتكار) وأتاوات الطرق وأجور النقل فاقت غيرها من التكاليف، وللمحروقات والري شجون أخرى.
البلد يستقر اجتماعياً واقتصادياً وصناعياً وحتى سياسياً إذا كانت الزراعة مستقرة والمزارع لا يخسر ويملك سبل الاستمرار.