الثورة – رفاه الدروبي:
عرض الفنان موفق السيد ٣٣ لوحة لخَّصت تجربته الفنية الممتدة لأربعة عقود من العمل الدؤوب والمتقن، جسَّده في معرض عنوانه «أسقف» بحضور وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح احتضنته صالة بيت الفن بجدرانها الحجرية وأروقتها الجميلة ذات الشكل التراثي الأصيل، ومازاد المكان جمالاً توظيف الإضاءة لإبراز سحر لوحات تطرح في تعبيرها السريالي مفاهيم الفضاء والفراغ والمكان وجدلها الرمزي مع الكتل وأحجامها، من خلال اللون وتواتراته والأشكال وتوظيفها المادي والمعنوي.
وأشار الفنان السيد إلى أنَّ المعرض لخَّص تجربة عشر سنوات من العمل الدؤوب لمشروع له علاقة بالملاذ الآمن فكان متنوعاً وأتت فكرته «الأسقف» بمجازه المفتوح الراحة، التعب، النوم وحتى الغناء. كلّ شيء له سقف، واعتبر النقلة والتحوّل كانت للبحث عن الملاذ تحته، ويمكن أن يتمثَّل بلحظة البحث عن مكان يتلمسها الشخص سواء أكان في خيمة أم على حجر أم فوق سرير البيت المتواضع أو الثري. إنَّها لحظة يتجسَّد فيها الإنسان صاحب المكان مهما كان ويمكن أن يشعر بالسعادة أو محارب تعب من القتال وكان في لحظة استراحته، كما تتجسَّد وتتألق بها الروح واعتبرها ملخصاً أو اختزالاً للوحاته المعروضة، ذاكراً بأنَّ بناء اللوحة يبدأ بفكرة يمكن أن تكون حالة حلم وربما يقظة أو حالة يُمكن تجسيدها، مبيِّناً أنَّ العمل يأخذ الفنان لموضوع له علاقة بجلسة ووجد خلالها نافذة ولج عبرها إلى عوالم أخرى تحتاج في تفاصيلها الصغيرة إلى الصبر والأناة فرسم بعضها على القماش أو الخشب بألوان الإكريليك الصعبة بسبب جفافها السريع.
الدكتور محمد غنوم بين بأنَّ عمل الفنان جميل ومتقن لأنَّه أعطاه حبكة ولديه خيال خصب هادئ ورزين يحترم المتلقي فكان واضحاً في كل أعماله، مؤكداً أنَّه نهج المدرسة السريالية ولديه خصوصية ومعروف منذ زمن طويل بأنَّه رفد الحركة التشكيلية العربية عامة والفلسطينية السورية بشكل خاص، منوِّهاً بأنَّ أسس المدرسة تقوم على الخيال الخصب. والأفكار نوع من أنواع اللامحكوم لكن أحياناً تتجسد في الواقع ويفترض أن تكون خيالاً لكنَّها مرتبطة بالواقع بشكل بسيط لأنَّ الواقع له علاقة بالحلم والتصورات وبأشياء يمكن أن تبدو لامعقولة إلى حدٍّ ما بينما تكون معقولة عندما ترتبط بالواقع وتحقق الكثير من الأحلام وتراها بلغة بصرية.
أما الفنان محمد الركوعي فأشار إلى أنَّ المعرض متفرِّد بثلاثة عناصر: التكوين والفكرة واللون، فالتكوين يكون لديكور اللوحة الضَّامة لعناصر قادرة على رسم أشياء فيها. ويبدو أنَّ الفنان تأثَّر بالعمل السينمائي ولوَّن تلويناً جميلاً توافق مع الفكرة، فكانت لوحاته فريدة على مستوى سورية، واستطاع توظيف الفكرة بتميُّز، وطرق باب الحداثة على مصراعيه وأخذ من الواقع وحوَّله إلى السريالية.
مسؤول المعارض باتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين في سورية معتز العمري رأى أنَّ الفنان السيد له تجربه كبيرة مع المدرسة السريالية والمعرض مهم ومميز ونوعي. يحمل في طياته «أسقف» تتمثل من خلال التكوين واللون والفكرة السريالية المعمول عليها، مشيراً إلى أنَّ أعماله تحمل الجديد دائماً لذا قدَّم في المعرض خلاصة أربعة عقود قافزاً قفزة سريالية نوعية، مبيناً أنَّ لوحاته حملت تفاصيل العمل وظهرت في البيوت والأشياء النازلة من السماء. والعنوان المطروح يمكن ملاحظته في المعرض من خلال المكعبات والتكوينات تُطفي شيئاً من الدائرة البصرية والفنية الروحية على الإنسان، وحتى حجوم الأعمال الصغيرة أعطاها حقها من العمل. فاللوحات حملت في مضمونها جديَّة وإحساساً ظهرتا بقوة فشعر بهما المتلقي.
من جهته أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين أحمد الخطيب اعتبر بأنَّ المعرض امتاز بالخصوصية لأنه يحتوي على سلسلة مترابطة وقفزات لفنان حالم كون السريالية تعني رسم الحلم، وقدَّم معرضاً فنياً نابضاً بالأفكار والخيالات، مؤكداً أنَّه شعر بقفزة وتحليق فوق «الأسقف» أعطت تحريضاً لمخيِّلته كي تُحلِّق ليرى العالم حتى بروحه، وتجاوز الماديات في معرض ملهم فوصلت الرسالة من فنان رسم بحرفيَّة ومهارة، كما امتلك أدواته باعتبار الفن السريالي يحتاج لتقنية ومخيِّلة واسعة غير محدودة.
السابق