ثورة أون لاين- مصطفى المقداد:
يتركز اهتمام السوريين وغيرهم في راهن الأيام على الحكومة المنتظرة في ظل استمرار المواجهات المسلحة مع الإرهاب في الداخل ومع مموليه وداعميه في الخارج , وتتقاطع التوقعات قليلاً أو كثيراً أمام المرحلة المقبلة المتمثلة بحالة دستورية جديدة أساسها التعددية الوطنية والمشاركة التكاملية بين أبناء الوطن كافة ,
فكيف سيتم ترجمة الدستور إلى واقع معيش يأتي بحكومة وإدرارات ومؤسسات وهيئات قادرة على مواجهة الأزمة المفروضة والتصدي للمؤامرة المستمرة دون أن تلوح في الأفق آمال لتوقفها أو تراجع العدوان الغربي الأمر الذي يحتم مواجهة مصيرها تحقيق انتصار ناجز للشعب على قوى التآمر والعدوان .
ثمة انتقادات توجه للأداء الحكومي ستبقى تحكم عمل الوزارات والمؤسسات الرسمية والمنظمات والنقابات تتعلق بالمطالب والتطلعات الشعبية على الدوام , بعضها يتعلق بالمركزية التي قد توقع في أخطاء الارتجال والتجريب واعتماد الخبرة الشخصية منطلقاً وأساساً لاتخاذ القرار الاقتصادي والخدمي والثقافي والإعلامي وحتى العسكري والأمني , لكن وجود هيئات استشارية ذات صلة يوجه بالتأكيد نحو القرار الأكثر صوابية وصحة ودقة في جميع المجالات .
هنا لا أنفي أو انتقص من دور المؤسسات الوصائية والرقابية القائمة , سواء كانت تمارس دور الرقابة والمحاسبة السابقة أو اللاحقة لكن خروج بعض الشخصيات والكوادر والخبرات الوطنية إلى التقاعد الوظيفي يحرم الوطن من رؤيتها وخبرتها في ظل انتفاء المنفعة الشخصية لهم في تبوّء مواقع وظيفية , وبالتالي فإنهم قادرون على تقديم رؤى ومقترحات قد تفيد كثيراً في الوصول إلى قرارات أكثر فاعلية وفائدة دون أن يقلل ذلك من قدرة تلك المؤسسات الرسمية من القيام بمهماتها الوظيفية وفق صلاحياتها وواجباتها.
ربما يقول قائل إن مثل هكذا اقتراح قد يوقع في تنازع الصلاحيات والسلطات من حيث الشكل , لكن الدافع الوطني والمرجعية الدستورية والمواصفات الشخصية للكوادر المستهدفة تشكل الضمانة الإدارية للتعاون المنتج , فالكوادر ذات التجربة الطويلة والمنتمية إلى المجتمع العريض تمتلك معرفة واقعية باحتياجات المواطنين والموظفين والعاملين مع وجود معرفة عميقة بالدستور والقوانين ومعايشة حالة زهد حقيقية بالوصول إلى أي منصب حكومي رسمي , الأمر الذي يمكن السلطة صاحبة القرار من امتلاك رؤية أوسع للموضوع موضع النقاش وبالتالي الوصول إلى حالة أفضل في اتخاذ إجراءات مناسبة , ولكن لن يكون لتلك الهيئات الاستشارية الفاعلية المطلوبة إلا إذا كان لها صفة الشورى الوصائية بمعنى قدرتها على تقديم تقارير تتبع لاحقة يتم عرضها على مجلس الشعب وغيره من الجهات الرقابية بحيث تكون المحاسبة دقيقة وتقدم تقييماً وتقويماً دقيقين في معالجة أي قضية خلافية , وذلك شكل تكاملي يشرك أبناء الشعب كلهم ويستفيد من كل المقدرات الوطنية في مرحلة هي الأصعب في تاريخ سورية .