يراهن الكثيرون على الاستثمارات الخارجية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلد وانطلاق مشروع إعادة الإعمار، ولكن الواقع يقول عكس ذلك، فالاستثمارات الخارجية لم تقدم تلك الصورة حتى المقبولة لأنها في الأساس تبحث عن مكاسبها، وفي مرفأ طرطوس ومعمل السماد بحمص ومناجم الفوسفات في تدمر وحقول النفط وغيرها، صور فاقعة لفشل الاستثمارات الخارجية بتحسين الوضع الاقتصادي ، ولو أن التسهيلات والمرونة التي أُعطيت لها أُعطيت للمؤسسات العامة صاحبة القطاع لكان الوضع أفضل بكثير مما هو عليه، وعلى سبيل المثال لو أن معمل السماد لم يُعط لشركة خارجية لكان الوضع أفضل بكثير ، وحقول النفط والغاز التي أعطيت للاستثمار الخارجي تراجعت كثيرا ولم يتم تطويرها بعكس المواقع التي تعمل بها الشركات المحلية ، حيث قامت بإصلاحات مهمة للآبار وحفر آبار جديدة وإضافة كميات جيدة من الغاز، ولكن للأسف لا تعادل تراجع الإنتاج في مواقع استثمار الشركات الخارجية.
المشكلة أساسها الخطط الحكومية التي فشلت في وضع قائمة بالمشاريع التي يُمكن طرحها للاستثمار وليس طلبها بالاسم، وكذلك في تبني معيار الإنتاج والعائد في توزيع الموازنة الاستثمارية للوزارات والجهات العامة، فالجهات التي تقدم أكبر عائد ومردود للخزينة تحصل على أقل اعتماد من الموازنة الاستثمارية، ومن يطلع مثلا على حصة وزارة النفط من الموازنة الاستثمارية التي يعادل إنتاجها من الغاز بشهر واحد كل موارد الجهات الأخرى، ولكن نصيبها من الموازنة الاستثمارية هو الأقل بين الوزارات.
مشكلة الطاقة في سورية لن تحلها الشركات الخارجية التي أتت واختارت القطاعات المنتجة لدينا للاستثمار فيها، والوضع الطاقي لن يتحسن بالمنهج المتبع في توزيع الموازنة الاستثمارية، وحل أزمة الطاقة يحتاج لإنتاج كميات كبيرة من الغاز والنفط وهذا يحتاج لتخصيص مبالغ كبيرة لاستكشاف مواقع جديدة لأنه لن تنفع كل الإصلاحات في المواقع القديمة بتحسين الواقع، والمواقع الجديدة بحاجة إلى دراسات جيوفيزيائية وسايزمية و تقنيات متقدمة وحفارات حديثة.
توفير التمويل لتطوير قطاع المسح والاستكشاف والحفر في قطاع النفط هو الأساس لحل مشكلة قطاع الطاقة في سورية، وحل مشكلة قطاع الطاقة يحل كل مشاكل الاقتصاد المتوقفة، وهناك من الخبرات والكفاءات والكوادر المحلية القادرة على القيام بذلك.